خالد جاسم
تعودنا بعد كلِّ إخفاق أو فشل رياضي أن نقلب الدنيا وتثور فينا كلّ- ثوريات- النقد ونمضي بأسلحتنا نحو المزيد من الانتقادات وتوزيع الاتهامات حدَّ الخروج عن النص في النقد الموضوعي بل ونخوّن الآخرين ونسقطهم بكل ما أوتينا من جهد قبل أن تهدأ ثورة هذه الانتقادات وتعود السيوف إلى أغمادها وتسكت لغة الرصاص ويتوقف دوي المدافع ويصبح الفشل والإخفاق وأصحابه ومسببيه في ذمة الماضي و-يادار مادخلك شر- مع أننا ندرك يقيناً أنَّ النتائج غالباً ما تأتي متطابقة مع التوقعات ومنسجمة مع واقع الحال ولا شيء جديداً يستحق التعليق حتى وإن ذهب كثيرون في خلاف ذلك عندما يتحدثون عن تطور الآخرين وكيف تحصد الأمم الأوسمة في الأولمبياد وتتربع على ناصيات الإنجازات وقطف ثمار النجاح مع أنَّ هذا الحصاد متطابق ومنسجم تماماً مع مجهودات كبيرة تستند إلى التخطيط العلمي الصحيح والحسابات الدقيقة وليس نتاج فوضى وانعدام شبه تام لشيء اسمه التخطيط وسيادة شبه مطلقة لمنطق العمل بالغريزة والعاطفة وليس العقل، طالماً نحن مصرون على سياسة الهروب إلى الأمام وأثبتنا بالوقائع أننا قوم عاجزون ولا نحسن من بين قلة محاسننا إلا النفاق والنميمة تماماً كما هو حلمنا المؤجّل إلى أمد غير مسمّى في بلوغ المونديال الذي بلغناه مرة واحدة في التاريخ منذ أكثر من ربع قرن، لكنّ أحداً لم يسأل أو يتساءل ويقول: هل نحن نمتلك فعلاً مقومات تؤهلنا لحصد وسام أولمبي واحد على سبيل المثال؟ الجواب بكل بساطة هو كلا بل وألف كلا.. والأسباب هنا معروفة لنا جميعاً والكل يتحمل المسؤولية وليس من المنطق بل وحتى من المعقول أن نتهم هذه الجهة أو تلك مع الاعتراف هنا طبعاً بتقصير اللجنة الأولمبية على صعيد غياب التخطيط العلمي في رياضة الإنجاز وهو تقصير تتحمله الاتحادات الرياضية كما تتحمله وزارة الشباب والرياضة لأنها الجهة المسؤولة عن توفير البنى التحتية الأساسية والتي بدون توافرها وحضورها الفعلي وليس على الورق أو في كرنفالات وضع الحجر الأساس أو في ما أنجز من منشآت وملاعب وهي لا تغني ولا تسمن عن جوع، وكيف نطلب من هذه الجهة الرياضية أو تلك أن تنهض بالتخطيط الصحيح ووضع ستراتيجية عمل رياضي سليم وهي ممزقة من الداخل ومنشغلة بالخلافات والتآمر والتقاطعات وكيف نتوقع من جهات معظمها مبتلية بالمافيات واللصوص وشبه الأميين أن تنتج لنا أبطالاً وتحصد لنا الأوسمة؟.
لماذا لا نكون شجعاناً ونعترف بواقع الحال الذي يتلخص بحقيقة أننا من يدمر رياضتنا بترسانة سياستنا ونفصل مقاساتها وفق ما نريد، والرياضة العراقية تُنحر يومياً على مذبح المصالح وعلى رؤوس الاشهاد.