علي حنون
الكُل يعتقد أنه قادر على رسم معالم واضحة لطريق النجاح، وسيراً في هذا السبيل، هناك من يَمدح وهناك من يَقدح لكننا - في النهاية - لسنا معنيين بالمشهد الفني، علينا أن نحترم التخصص، لكل منا دور وليس عليه التدخل في أمر لا يعنيه، التنظير يَسير لكن التطبيق عسير ولا تَعتقد أن النجاح دائماً أسير إمكانات المدرب وحده وإنما هناك شركاء مُهمين في بلورته، أول خطوة في سبيل التوفيق هي وجود الإدارة المُحنَّكة، التي تكون قوية القرار ومُنصهرة الرؤية في بوتقة الفلسفة الجماعية حتى أن من يقف على قراراتها يعتقد أن الجميع شخص واحد وهو من يُدير الأمور ويقود الشؤون، إدارة لا تختفي خلف ظلها، هرباً من إخفاقة، إدارة واضحة قادرة على امتلاك ناصيتي القرار والمال.
الإدارة هي من تُعيّن المدرب ومن خلال تمكُّنها من غطاء القرار والمال، يعمل المدرب على توفير الأدوات، التي بها يُقارع وفيها يعتد ويُقاوم، لا تركزوا على تصريحات المُدربين وانظروا إلى عمل الإدارات ودرجة وضوحها، لماذا دائماً الإدارات على صواب والمُدربون على خطأ!، فلسفة منقوصة وغير واقعية، يقول الخبير الفني الدولي أرسن فينغر: إن (المدرب عليه 10 خطوات في إصابة النجاح ونسبة 90 بالمئة تقع على الأدوات) أي اللاعبين، ما يعني أن التعاقدات تكون على حسب المُتوفر من المال ولا يُمكن أن تكون باستمرار العملية خاضعة لرؤية المدرب أو رغبته، لأنه يختار أفضل ما يعينه فيه المال المُتاح في الخزينة، وليس بالضرورة الأفضل فنياً.
غالباً ما تعكس تعاقدات الأندية رؤيتها في الموقع، الذي تجتهد لتقف عنده في نهاية المطاف، وهي بذلك تأتينا بغير برهان على أنها في العموم تتدخل في الشأن الفني لاعتبارات تجدها مُسوغة لها التدخل ومُتعكزة في فواصل معينة على أن فترة التعاقدات تكون مضغوطة بمدة معينة وأنها لم تستطع في ظل غياب الجهاز الفني أن تقف دون تحريك ساكن لاختيار الوجوه المُتاحة، ويقيناً أنه عذر لا شرعية له سوى في قاموسها، وعموماً الذي يعنينا أنها في سلوكها هذا (أي الإدارة) تعطينا ما تعطينا من أدلة على شراكتها الحاضرة لذلك عليها أن تتحمل ثقلها من المسؤولية في حال التعثُّر ولا تتنصَّل عن مسؤوليتها وتضع اللوم فقط على عاتق الجهاز الفني.
الفلسفة الفضفاضة في هذا الجانب لا يُمكن أن تقودنا في نهاية المطاف إلى حلول واقعية لأنها لم تستند على رؤية منطقية، وهي تذهب باتجاهات مُختلفة في سبيل إهدار الوقت والجهد لكي لا نصل إلى الأسباب الحقيقية للإخفاق، وتأخذنا إلى مضمار تشتيت التفكير لإيجاد أسباب وهمية لا تمتُّ إلى الواقع بصلة، لذلك يُمسي من العسير - مع هذه النمطية – في التفكير والسلوك أن نضع اليد على العلل ومَكمن الوهن، وبالنتيجة لن ننجح في إيجاد الحلول الناجعة، من هنا علينا في حال نشدنا التوفيق والفلاح أن نكون أكثر واقعية والخوض في أسباب أي تعثُّر والبحث عن ارتداداته في ساحة جميع الشركاء ومن ثم نُحدد واعتماداً على المُعطيات، الحلقة الأضعف والسعي للعلاج من أجل خلق سلسلة توافقية مُتعاضدة الحلقات تأتينا بما نتطلع من نتائج إيجابية.