أوس ستار الغانمي
في عالم يتسم بالتغير السريع والقيم المتباينة، يبقى المنبر الحسيني شامخاً يعزز الالتزام الأخلاقي لدى الشباب، جاذباً إياهم نحو قيم أصيلة ورؤى إنسانية عميقة، حيث يشكل رمزاً للقيم الدينية والأخلاقية التي تعبر عن جوهر الإسلام الحقيقي، مستلهماً من واقعة كربلاء ومن سيرة الإمام الحسين عليه السلام وأصحابه الأبرار، الذين جسدوا أسمى معاني التضحية والبطولة والإيمان.
ويعد منبراً بلاغياً يثير في النفوس الحماسة والإصرار على اتباع طريق الحق من خلال الخطب والمواعظ الحسينية، إذ تقدم قصص كربلاء بطرق تتسم بالعاطفة والصدق، ما يؤثر بعمق في وجدان المستمعين، وخاصة الشباب الذين يبحثون عن قدوة تلهمهم في حياتهم
اليومية.
ويعتمد تأثير المنبر الحسيني على سيرة الإمام الحسين وأصحابه، الذين قدموا مثالاً حياً للأخلاق النبيلة. فالحسين عليه السلام لم يكن مجرد قائد ديني، بل كان نموذجاً للأخلاق السامية في كل أفعاله وأقواله، في واقعة الطف نجد أروع أمثلة الشجاعة والصبر والتضحية، حيث ضحى الحسين بحياته من أجل قيم الحق والعدل، إن تقديم هذه القيم من خلال المنبر الحسيني يزرع في قلوب الشباب حب الفضيلة والرغبة في الاقتداء بهذه النماذج
الرفيعة. يشكل المنبر الحسيني منصة لتعزيز الهوية الدينية والثقافية لدى الشباب في ظل العولمة والتحديات الثقافية، حيث يساعد في ترسيخ الهوية الإسلامية والانتماء إلى مجتمع قائم على القيم النبيلة. كما يحفز على المشاركة في الأنشطة الاجتماعية والخيرية، إن القيم التي يروج لها المنبر مثل العطاء والتضحية من أجل الآخرين، تدفع للانخراط في أعمال تطوعية تسهم في بناء المجتمع وتحقيق العدالة الاجتماعية، فسيرة الإمام الحسين تشجع على الوقوف مع المظلومين ومساعدة المحتاجين، ما ينعكس إيجابياً على المجتمع ككل.
كما يلعب المنبر الحسيني دوراً مهماً في مكافحة الفساد والانحراف الأخلاقي، من خلال تسليط الضوء على معاني الحق والباطل، ويشجع المنبر الشباب على التصدي للظلم والفساد بأشكاله المختلفة. إن القيم التي يقدمها المنبر الحسيني تحث الشباب على الالتزام بالأمانة والنزاهة في حياتهم الشخصية والمهنية، ما يسهم في بناء مجتمع أكثر عدالة
وأخلاقية.
في النهاية، يظل المنبر الحسيني مصدراً لا ينضب للإلهام والتوجيه الأخلاقي للشباب، إنه يعزز فيهم القيم الدينية والأخلاقية، ويدفعهم نحو الالتزام بمبادئ الحق والعدل. إن تأثير المنبر الحسيني يمتد إلى أبعد من الخطب والمواعظ، ليصبح جزءاً لا يتجزأ من هوية الشباب وسلوكهم اليومي.