التحدّي الأكبر

الأولى 2024/08/20
...

 كتب رئيس التحرير:


المعضلة الأكبر التي تنوء بها كثير من الدول ـ وفي مقدّمتها العراق ـ اعتمادها على الاقتصاد الريعيّ، ما يضع مقدرات الدولة تحت سطوة المتغيّرات التي قد لا يتهيأ لها التحكّم فيها وتوجيهها، ويسهم بشكل كبير في نشوء طبقيَّة واضحة التفاوت في المجتمع، كما أنَّ له مدخليَّة في إشاعة الدِعة والاستكانة بين المواطنين وذلك لغياب الحافز والمنافسة. 

في وضع العراق تشكّل مساهمة النفط أكثر من 90 بالمئة من مجمل اقتصاده، فهو من الدول الريعيَّة بامتياز. ولهذا الأمر أسباب كثيرة، أغلبها يرجع إلى سلسلة الحروب وسياسات النظام المباد وفترة الحصار الاقتصادي، ثمّ لاحقاً إلى الاحتراب السياسيّ والصراعات الفئويَّة التي أسهمتْ في بعثرة الموارد وتغييب سياسة اقتصاديَّة ناجعة.

لكنَّ بقاء الحال على ما هو عليه ليس قَدَراً مفروضاً، والمنهاج الحكوميّ الذي طرحه رئيس الوزراء محمد شياع السودانيّ وصادق عليه مجلس النواب تضمّن حلولاً لهذه المعضلة يمكن أنْ تكون خطوات أولى في طريق طويل وشاقّ يُخرج العراق من أسر الاعتماد على الاقتصاد الريعيّ.

الإشارات المتكرّرة من قبل رئيس الوزراء إلى تنويع مصادر الدخل وتعظيم الموارد الماليَّة المتأتية من مداخيل أخرى، والحثّ على إيلاء اهتمام كبير بقطاعات الزراعة والصناعة والخدمات وتفعيل القطاع الضريبيّ. كلّ تلك الإشارات تكشف عن حجم التحدّي الذي وضعته الحكومة على عاتقها، وهو التحدّي الذي يشكّل الأساس في سياسة الحكومة الرامية إلى إصلاح الاقتصاد بعد عقود طوالٍ من غياب الإرادة والقدرة على خلق اقتصاد بديل آمن.