التضاد بين القبليَّة والدولة المدنيَّة

آراء 2024/08/21
...

 يعقوب يوسف جبر

ما بين القبلية والمدنية تضاد وخصام شديد فلا مشكلة ببعض التقاليد والعادات التي لا تشكل ضررا على المجتمع المدني، منها التجمع والتقارب والتصاهر، بل إن المشكلة في التعصب القبلي وانتشاره في ميادين الدولة ومؤسساتها وفرض السنن القبلية على ادارة الدولة وشؤونها، ما ولد صراعات قبلية وتسبب في نشوء مافيات الفساد وتعطيل أو اضعاف تطبيق قوانين الدولة. ومن ابرز الظواهر السلبية استخدام القوة الغليظة لتحقيق غايات شخصية وقبلية، ومصادرة حقوق مواطني الدولة والاستخفاف
بها.  كما أن التعصب القبلي في بعض البلدان يطول بعض مراكز الدولة المهمة، فيشغلها بعض الاشخاص ممن لا دراية لهم ولا خبرة سياسية أو ادارية أو فنية مما انعكس ذلك التوجه سلبا على أداء الدولة. فتحولت هذه المراكز إلى تجمعات قبلية، تعمل من أجل تحقيق غايات القبيلة فقط. فانفرط عقد الدولة وتبعثرت حباته وتراجعت انتاجية مؤسساتها، بسبب غياب الخبرة وتهميش اصحاب الكفاءات. بينما نجد ونلمس العكس في مجتمعات الدولة المدنية التعاون والتنافس في ما بين الاكثرية أو الجميع في تحمل المسؤولية واحترام النظام العام والمال العام والمصلحة العامة. كما يحرص افراد المجتمع المدني على تحقيق اعلى مستويات الانتاج. اضافة إلى حفظ الامن العام والخاص، كونه الأساس المتين للحفاظ على حياة المواطنين واموالهم.  وتعتني الدول المدنية بالفرد منذ طفولته وتؤهله مدنيا وتدربه وتهيئته للمستقبل على كيفية تحمل المسؤولية المدنية، والتمسك باحترام النظم العامة واجتناب الاحتكام إلى السنن القبلية العبثية المتخلفة. ومع الاستمرار في رفد الدولة بأصحاب الكفاءات تحصل المتغيرات وتتدرج الدولة في مسارها من الاسفل إلى الاعلى بشكل عمودي، كما أن منجزاتها تمتد بشكل أفقي دون تمييز بين أفراد المجتمع. وتبعا لذلك تتوسع التنمية الاقتصاديَّة والاجتماعية والسياسية لتتحقق الرفاهية ويسعد الفرد
 والمجتمع.