أوس ستار الغانمي
في قلب مدينة كربلاء، تعيش فتاة شابة اسمها ذكريات رضا عبيد، تبلغ من العمر ثلاثة وعشرين عاما، المدينة التي تحتضن بين ثناياها عبق التاريخ وروحانية المقدسات. في هذا المكان، حيث يمتزج الماضي بالحاضر، وجدت ذكريات نفسها تواجه تحديات مادية كبيرة منعتها من اقتناء أدوات الرسم التقليدية. لكنها لم تدع هذه العوائق تقف في طريق شغفها. في إحدى الليالي، بينما كانت تتصفح الإنترنت، وقعت عيناها على بعض الأعمال الفنية الرقمية التي أذهلتها وألهمتها بشكل لم تعرفه من قبل. كانت تلك اللحظة بمثابة شرارة الانطلاق لعالم جديد من الإبداع.
بدأت ذكريات باستخدام أبسط الأدوات المتاحة لها: هاتفها المحمول. بالرغم من محدودية هذه الوسيلة، إلا أنها كانت ترى فيها نافذة لا نهائية من الفرص. مع مرور الوقت وتطور مهاراتها، انتقلت إلى استخدام أجهزة أخرى مثل التابلت والقلم الإلكتروني، ما أتاح لها مساحة أكبر للتعبير عن أفكارها ومشاعرها بطرق لم تكن ممكنة من
قبل.
اختارت ذكريات أن تبقى بسيطة في استخدام أدواتها، مُفضِّلة العمل بأجهزة محدودة لكنها فعالة. وجدت في برنامج «ايبيس باينت» شريكًا مثاليًا لمسيرتها الفنية، برنامج يوفر لها كل ما تحتاجه من أدوات لإطلاق العنان لإبداعها، ومتوفر في جميع الأجهزة التي كانت تملكها. كانت تفضل هذا البرنامج لأنه يمكّنها من الرسم في أي وقت وأي مكان، من دون
قيود.
إبداع ذكريات كان ينبع من ذاتها، وكانت تحرص دائمًا على تحقيق توازن بين متطلبات الحياة اليومية واحتياجاتها الإبداعية. كانت تجد في الرسم الرقمي ملاذًا يعينها على الهروب من ضغوطات الحياة وتحدياتها. كل مشروع كانت تبدأ فيه كان يحمل في طياته تحديات جديدة، لكنها كانت ترى في هذه التحديات فرصًا للنمو والتطور. كانت تؤمن بأن العمل الفردي يمنحها الحرية اللازمة للإبداع والتجربة من دون قيود.
لم تكن ذكريات تتبع طقوسًا ثابتة أثناء العمل، بل كانت تفضل الانفراد في جو هادئ يسمح لها بالغوص في أعماق أفكارها وإبداعها. كانت تجد في الليل، عندما يعم الهدوء وتختفي ضوضاء النهار، الوقت الأمثل للعمل. في هذه اللحظات، تندمج كليًا مع لوحاتها، تفقد الإحساس بالزمن والمكان، وتصبح هي ولوحتها كيانًا واحدًا.
التطور في مهاراتها لم يكن وليد الصدفة، بل نتيجة للممارسة المستمرة والتعلم الدائم. كانت ترى في كل لوحة ترسمها فرصة لتحسين تقنياتها وتجربة أساليب جديدة. ورغم أن النقد الفني كان يمثل لها تحديًا كبيرًا، إلا أنها كانت تسعى دائمًا لتحسين نفسها من خلال التعلم من هذا النقد.
كانت المشاريع الفردية تمنحها مساحة أكبر للإبداع، بعيدًا عن القيود والضغوطات الخارجية. في هذه المشاريع، كانت قادرة على استكشاف أفكارها بحرية تامة، وتجربة تقنيات جديدة من دون خوف من الفشل. كانت تؤمن بأن الفشل جزء من عملية التعلم، وأنه من خلاله يمكنها أن تنمو وتتحسن.
في كل لوحة ترسمها، كانت ذكريات تعبر عن جزء من روحها، وترى في الرسم الرقمي وسيلة لتوثيق مشاعرها وأفكارها، ووسيلة لجعل ما هو غير ملموس ملموسًا، وما هو غير مرئي مرئيًا. كانت تعبر عن أحلامها، ومخاوفها، وآمالها، وكل ما يدور في خلدها من خلال تلك اللوحات.
وفي نهاية اليوم، كانت ذكريات ترى أن الرسم الرقمي لم يكن مجرد هواية، بل كان جزءًا أساسيًا من حياتها. كان هو الوسيلة التي من خلالها تعبر عن ذاتها، وتتواصل مع العالم من حولها، وتجد السلام الداخلي الذي كانت تبحث عنه. كانت تعلم أن رحلتها في عالم الرسم الرقمي لا تزال في بدايتها، وأن أمامها الكثير لتتعلمه وتكتشفه، لكنها واثقة بأن كل خطوة تخطوها في هذا الطريق تقربها أكثر من تحقيق أحلامها وتحقيق ذاتها.