علي رياح
نحن على عتبة فصل مهمّ بل الفصل الأهمّ من المرحلة الثالثة الحاسمة المؤهّلة إلى المونديال.. هذا يعني وفقاً لما نتوارثه في كلِّ مرّة أن نضع القول الشهير (كلّ مشكلة ولها ألف حلّ) لنعكس المنطوق ونأتي بالحلّ لنضع ألف مشكلة على شاشة التلفزيون أو عبر منافذ التواصل الاجتماعي، إذ يطير كلّ شيء ويصل إلى أبعد نقطة في لمح البصر.
لم يعد مثل هذا الأمر غريباً بالفعل في ظلّ الرغبة الجامحة التي تبتكر وتبحث لها في كلّ يوم عن فكرة أو تقليعة من منطلق الانتشار والاشتهار ولو على حساب (قضية) تمسّ مشاعر وقلوب وحسابات شعب برمته يريد أن يرى منتخبه وقد تأهل للمرة الثانية في تاريخه إلى نهائيات كأس
العالم.
نأتي بالخبر من دون أن نتثبّت من مصدره أو سلامته أو صحته أو المدى الذي ينطوي عليه تأثيره لنجعل منه مادة تغطي ساعات للحوار، بينما تشتعل التطبيقات المُتاحة عبر الإنترنت بالتفاعل وردود الأفعال.
وتبعاً لسياق إعلامي أو جماهيري غريب خلاصته (لا أحدَ أفضل من أحد) يصبح المضمون متاحاً على كلّ صعيد، بينما الأجدى لنا في كل مرّة أن نعمل على تطويق أي تفصيلة لها تأثير سلبي في المنتخب انطلاقاً من الرغبة في تهيئة الجو المناسب له كي يدخل هذه المرحلة من التصفيات بأقلّ قدر من المَطبّات والعثرات التي نضعها في وجهه حيناً بحسن نية وأحياناً عن سابق قصد.
يحدث هذا في كل استحقاق مهم تنتظره فرقنا الكروية، هناك من يبرّر الأمر على أنَّ المنتخب يشكل نقطة تلتقي عندها تطلعات الجمهور.. والجمهور لا بدّ أن يعلم.. وحتى يعلم الجمهور لا بد أن يتولى برنامج أو موقع أو ناشط على وسائل التواصل مهمة الإمساك بالتفاصيل ونشرها على الملأ.. وهذا قول لا يُراد به إلا صرف الأنظار عن الهدف الأساس الذي نسعى إليه وهو تذكرة كأس العالم على أن ندع لأهل الشأن في الإدارة والتدريب واللعب فرص التعاطي مع أي مستجد من دون أن يكون نهباً للآراء التي ما اجتمعت يوماً في العراق على إطار واحد لأي قضية.
إذا كان المُراد من هذا السباق مناقشة ما يلزم وما يلزم من تفاصيل تدور حول المنتخب، فلا بأس من الاستعانة بأهل الشأن أو القرار إلى جانب من يصفون أنفسهم بالمحللين، على أن تكون الأولوية للمعنيين من دون اللجوء إلى حلول وإجابات وتحليلات بالإنابة، وأعجب ما في الأمر أنَّ الحديث عن المنتخب يتحوّل أحياناً من مجرد رأي يُطرح إلى توصية مُلزِمة يجب الأخذ بها، وإلا فإنَّ التجاهل لن يمرّ فهنالك عودة في برنامج آخر على قناة أخرى وتناول التفاصيل بطريقة لا تخلو من تصفية الحساب على نحو علني وصريح.
ما أحوجنا إلى أن نحتكم إلى العقل وتغليب المصلحة العامة ونحن على بعد أيام فقط من بدء رحلتنا الفاصلة، أما مواصلة تناول أي خبر أو ملحوظة على أمل أن تتسع لها ولصاحبها مساحة المتابعة، فهي تطاول على المنطق لأنها- بالفعل- تضع لكل حلّ ألف مشكلة.