علي العقباني
عرضت مؤخرا على خشبة مسرح القباني بدمشق مسرحية “الملك فانوس والقط بسبوس”، هي من تأليف الكاتب نور الدين الهاشمي عن حكاية عالمية معروفة، ومن اعداد وإخراج عبد السلام بدوي، الممثل والمخرج للعديد من الأعمال المسرحية والتلفزيونية الموجهة للطفل، والذي حافظ على شكل المسرحية الكلاسيكي المعروف وقدمها بلغة عربية فصيحة مبسطة تخللتها مفردات عامية، ظهرت في ثنايا العرض، وتستخدم عادة للتقرب من الأطفال والتوجه إليهم بالحوار.
منذ بداية العرض يحاول بدوي اشراك الجمهور، ولاسيما الأطفال في العرض من خلال خروجه من الصالة وهو يصرخ باحثا عن قطة الملك التي ضاعت من القصر، ومكافأة من يجدها بهدية قيمة، ونلمح في الجانب الآخر من الصالة طفل وطفلة يبحثان عن القطة بين كراسي الصالة ويسألان الأطفال عمن شاهد القط بسبوس؟ حتى يصلا الخشبة وهنا نعرف منهما أن أباهما الحكيم موجود في سجن الملك وعليهما إيجاد “بسبوس” ليخرجا والدهما من السجن.
هنا يظهر الملك وحاشيته المنافقة والكاذبة، والتي تحتال على الملك البسيط الساذج في القرارات والأحكام، حتى حين يُحضر الطفلان القط بسبوس إلى الملك ويطلبان منه المكافأة في اخراج والدهما من السجن يتلاعب الأعوان بعقله ويرفض طلبهما، وخلال ذلك تصل رسالة من المملكة المجاورة بدعوة الملك إلى حفلة كبيرة ستختار الأميرة فيها عريس المستقبل. وهنا سيكون على الملك الذهاب ويحتاج إلى لباس جديد يليق بالحفلة وإعجاب الأميرة، حينها يتسلل إلى القصر متنكرين الطفل والطفلة على هيأة خياطين ماهرين سيصنعان للملك أجمل رداء سحري شاهده، ويحتالان على الملك والحاشية بلعبة ذكية، يسكنان القصر لصنع الرداء، وحين يأتي الوقت ليلبسه الملك تصرخ الحاشية المنافقة معبرة عن جمال الرداء والألوان الزاهية ومدى روعته، حتى يصرح أحد الحراس سائلاً الأطفال في الصالة هل يرتدي الملك لباسا فيصرخون: لا، ويجيب آخرون إنه عار، ولا يرتدي سوى ملابس داخلية. وهنا تبدو إجابة الأطفال في الصالة عاملاً حاسماً في وصول فكرة المسرحيّة من جهة، وكذلك في اكتشاف نفاق الحاشية وصحوة الملك إلى ما يحدث حوله، تلك المشاركة تعطي الحضور في الصالة متعة وصول العرض إلى خاتمته التي ساهم فيها وهي
الكشف. العرض فيه الكثير من الحِكم والعِبر والأفكار، حاول المخرج عبد السلام بدوي وفريق عمله إيصال كل ذلك بمتعة وبساطة مستخدما الغناء والرقص والحركة والإضاءة واللغة وإشراك الأطفال في العرض، الأمر الذي جعل ساعة العرض تمر بكل سلاسة، وهذا أحد شروط وأهداف مسرح الطفل والمسرح
عموماً. تفاوتت مستويات الأداء هنا، وكان حضور الأطفال على الخشبة “ياسمين الجباوي بدور (بدر الزمان)، ووسيم قزاز بدور (سعيد)» رشيقاً وحيوياً بروح مميزة مما أعطى للمسرحية حيوية خاصة، ورافق ذلك العزف المباشر على الخشبة للموسيقى والأغاني الحية على الكمان والغيتار، كذلك الفنان أحمد حجازي الذي أدى شخصية «كنا» صاحب الصوت الجميل وموهبة الغناء التي تعرّف عليها الأطفال وشاركوه بعضها، من خلال غنائه على الخشبة والذي كان يُغني للملك تملقاً
ونفاقاً. اعتمد ديكور العرض على البساطة من خلال كرسي الملك الذي يتوسط الخشبة وتتدلى على جدران المسرح الأقمشة الشفافة الملوّنة «شيفون» والتي أضفت عليها الإضاءة رونقاً مبهراً وجاذباً ولافتاً للعين برغم بساطته، ترافق مع أزياء من النمط الكلاسيكي العالمي بألوانه ومزركشاته وأشكاله الغريبة
واللافتة. أما طاقم العمل في هذه المسرحية، فهم من تمثيل الفنانين: داوود شامي بدور(الملك)، وأنس الحاج بدور (دحدوح) ، وأحمد حجازي بدور (كنار)، وخالد مولوي بدور (ثعلبان)، وياسمين الجباوي بدور (بدر الزمان)، ووسيم قزاز بدور (سعيد)، عبد السلام بدوي بدور(الحارس)، موسيقى أيمن زرقان، مصمم الديكور إياد ديوب، إضاءة محمد قطان، إعلان راما بدوي، مكياج رشا بحوص، صوت راكان عضيمي، تصوير يوسف بدوي، مدير منصة هيثم مهاوش، اكسسوار علي النوري، مخرج مساعد خوشناف ظاظا.