صلواتٌ وتجارب زراعيَّة بمواجهة الجفاف في رومانيا

علوم وتكنلوجيا 2024/08/27
...

 أورزيتشيني: أ ف ب

من نبتات دوار الشمس المحروقة إلى حبات الذرة التي باتت مشوية بفعل الحرارة، مروراً بالأوراق المتقزمة... تلاحظ يوليا بلاغو بكثير من العجز آثار الجفاف على مزرعتها في جنوب شرق رومانيا، أحد أكثر البلدان تضرراً جراء هذه المشكلة في أوروبا.
بعدما جاءت قبل خمس سنوات من العاصمة بوخارست، تسلّمت بلاغو الشعلة من والدها، وتولت إدارة 300 هكتار في بلدة أورزيتشيني، من دون أن تدرك التحدي المناخي الذي ينتظرها. «خمس سنوات من النار»... بهذه العبارة تلخص بلاغو الوضع لدى وقوفها في حقلها تحت أشعة الشمس الساطعة، بعدما فتكت موجات الحر المتعددة بمحاصيلها هذا العام، «بما يشبه محدلة لا يمكن إيقافها».وتشرح المزارعة البالغة 39 عاماً أن «السؤال ليس هل سنموت، بل متى
سنموت؟».
وفي حقولها التي تحوّلت إلى أرض مقفرة، تخلت بلاغو عن محراث صدئ لأن «الحرث يستنزف التربة، وهو أمر خطر للغاية» في الوضع الحالي.ويعاني جنوب القارة الأوروبية وشرقها من «ظروف جفاف مستمرة ومتكررة»، بحسب أحدث البيانات الصادرة عن المرصد الأوروبي للجفاف، وقد تفاقم الوضع في تموز، خصوصاً في رومانيا وجنوب المجر. وبحسب مرصد كوبرنيكوس الأوروبي، من المرجح أن يكون 2024 العام الأكثر سخونة على الإطلاق.في أوائل آب، استعان عشرات المزارعين المجريين بجَمَلين في مسيرة جابت وسط بودابست للفت الأنظار إلى الضرر الذي يُلحقه تغير المناخ بمهنتهم. وقد وُضعت الدولة بأكملها تقريباً في حالة تأهب قصوى.وفي رومانيا، وعدت الحكومة بتعويض مالي لأصحاب مليوني هكتار من الأراضي المتضررة من الجفاف هذا العام، بحسب تقدير رسمي.ولا يقتصر التأثير في القطاع الزراعي: ففي مئات القرى، جفّت الآبار، واتُّخذت تدابير تقنين للمياه، في ظل انحسار البحيرات.
وفي مواجهة درجات الحرارة القياسية، يشعر البعض بأنهم متروكون «لربّهم»، ما دفعهم إلى دعوة الكهنة الأرثوذكس لمباركة حقولهم وتلاوة صلوات الاستسقاء. ويحفر آخرون الأرض للعثور على مصادر مياه، ولكن «لا شيء يخرج منها، فقد تغير المناخ بالتأكيد»، على ما يقول ماريان فلوريا، وهو عامل بناء شهد تحول بيئته بفعل الجفاف. وتحاول يوليا بلاغو التكيف مع هذه الظروف الجديدة. فقد ولّى زمن محاصيل الذرة، التي كانت تدرّ حتى وقت قريب عوائد كبيرة، إذ حلت محلها نباتات أكثر تكيّفاً مع درجات الحرارة المرتفعة، مثل الذرة البيضاء، وربما في المستقبل الكزبرة أو الحمص.
وإلى الجنوب، تمتد مساحة رملية شاسعة تناهز مئة ألف هكتار، بالقرب من نهر الدانوب الذي يشكل الحدود الطبيعية مع بلغاريا.
وبات هناك ما يشبه «الصحراء الرومانية» التي تتمدد بلا هوادة تحت تأثير الاحترار المناخي. وتخسر البلاد ألف هكتار من الأراضي الصالحة للزراعة كل عام، وفق تقديرات وزارة البيئة التي تخشى حدوث «تصحّر كامل» للجنوب الروماني في غضون خمسين
عاما.