مسؤوليَّة تضامنيَّة

الرياضة 2024/08/29
...

علي حنون

المُتمعن في عمليات الاستقطاب، التي تسير عليها فرق أنديتنا، يتأكد أنه لا توجد (ولادات) شبابية يُعتد بها في ضفة اللاعبين الذين ينشطون في الدوري المحلي، ويتيقن أنه ليس هناك وجوه جديدة يُعوّل على إمكاناتها الفنية، وأن كُل ما تفعله فرق أندية دوري نجوم العراق لكرة القدم هو تبادلها للوجوه فقط، وأن لائحة لاعبي المُسابقة- نُكرر نعني قائمة اللاعبين المحليين- بقيت منذ مواسم عدة تحتفظ بذات الأسماء، ما يعني أننا أصبحنا نُعاني في جنبتين، الأولى ركون أنديتنا إلى الاستعانة باللاعب الجاهز، والثانية الابتعاد عن الاهتمام بفرق الفئات السنية، كما أن هذه الصورة تتجلى بركون السواد الأعظم من أندية دوري النجوم إلى الاستعانة باللاعبين المُحترفين في عملية تدعيم صفوفها تأهبا للنسخة الثانية، وأن أغلبها تعاقد مع أكثر من (6) لاعبين أجانب، وبينها من استعان بوجوه يمنية بعدما اعتبر الاتحاد العراقي لكرة القدم اللاعب اليمني لاعبا محليا.
ويقيناً أن الأمرين يأتيان ببعض الخطر لمنتخباتنا الوطنية، طالما أن أنديتنا، التي تعتمد عليها التشكيلات التي تحمل لواء منتخباتنا، ابتعدت عن أداء دورها في جانب صناعة اللاعب، وهو حال سيضع كرتنا داخل دائرة المُعاناة أكثر في المستقبل، طالما أن الوجوه، التي تتم الاستعانة بها حاليا من قبل الأندية، ولاسيما الجماهيرية منها، إما أن تكون بلغت من العطاء أرذله، أو أنها ستصل قريبا جدا إلى هذه المرحلة، ومع وجود الأسماء المحترفة، فإنَّ بعض الاستحقاقات قد تفرض على اللاعب المحترف قيودا تحول دون مشاركته مع منتخب بلاده وبالتالي نحن نحتاج إلى اللاعب المحلي المُتمكن، لذلك فإن غياب المواهب المحلية يجعلنا ندق ناقوس الخطر الحقيقي، الذي ربما تبلغ كرتنا شاطئه في غضون موسمين أو ثلاثة في حال بقيت هذه السياسة هي السائدة.
ولأننا نُدرك- عن يقين- أن الفرق، التي تتمتع بقاعدة جماهيرية وتعيش في (بحبوحة) مالية أفضل من الأخرى، هي من تُشكل بورصة (المزايدة) على الاستقطابات، وهي من تعتمد عليها مُنتخباتنا في رفدها بأكثر من 60 بالمئة من اللاعبين، فإنه وعلى وفق ما تقدم يُمكن تسجيل توقعاتنا للمستقبل من خلال رصد الفلسفة غير السليمة لتلك الأندية، وتعاطيها مع الأمر بطريقة لا تنم عن إدراكها لحجم المسؤولية المُلقاة على عاتقها، وهو ما يُؤكده عدم اهتمامها بصناعة اللاعبين الشباب، واعتمادها فقط على سياسة استيراد الوجوه الجاهزة، وخاصة مع حضور سياسة (الانفتاح) على اللاعبين المحترفين، والتي مع إيجابياتها، فإن لها وجها سلبيا أيضا.
نعي أنها فرق كبيرة ومُطالبة بتحقيق النتائج الجيدة باستمرار، لكن ذلك لا يلغي أو يحجم من حدود مسؤوليتها في رفد المنتخبات الوطنية بالجديد من الأسماء، ما يعني أنها، وإلى جانب اهتمامها ببناء فريق يضم لاعبين أصحاب كفاءة وخبرة، فإنه يجب عليها أيضا أن تُولي الاهتمام المطلوب باللاعبين الشباب من خلال تأهيل عدد منهم، ومنحهم فرصة التواجد مع الفريق الأول، وبذلك تكون أصابت غايتين في آن واحد، الأولى المساهمة في إبراز الطاقات الواعدة، والثانية السعي لبناء قاعدة شبابية في تشكيلتها، ونحن بهذه الرؤية لا ننشد الطعن بوجوهنا المحترفة، لكننا نبتغي التوازن في التعاطي مع ملف غاية في الأهمية ويتعلق بصناعة جزء من المستقبل من المواهب المحلية.