رندة حلوم
يقع جبل ومقام الإمام علي زين العابدين "عليه السلام" على يمين الطريق الدولي الرابط بين حماه وحلب، على بعد حوالي 7 كيلومترات شمال مدينة حماه السورية، ويرتفع الجبل 620 متراً عن سطح البحر، في منطقة تتميز بجمال طبيعتها من السهول المنبسطة والروابي
الخضراء.والإمام زين العابدين هو علي الأصغر المولود بالمدينة المنورة يوم 5 شعبان سنة 38 هجرية، والمتوفى سنة 94 هجرية عن عمر يناهز 57 سنة، وهو ابن سيدنا الحسين ابن سيدنا الإمام علي بن أبي طالب "عليهم السلام" ابن عم رسول الله "ص". جدته لأبيه هي السيدة فاطمة الزهراء بنت الرسول "ص".
إن سبب وجود المقام في هذه المنطقة، يعود لأنه في واقعة الطف، إذ لم يكن بإمكانية الإمام علي زين العابدين "عليه السلام" أن يُقاتل إلى جانب والده الحسين الشهيد "عليه السلام" في يوم عاشوراء ومرض مرضاً شديداً منعه من المشاركة آنذاك. وقصة مقام الإمام زين العابدين قرب مدينة حماه في وسط سورية مرتبطة بهذه الواقعة المأساوية، فعندما استشهد الإمام الحسين بن علي "عليه السلام". أمر الطاغية يزيد بإحضار رأسه ومن تبقى من آل البيت الأطهار إلى دمشق، فحملوه له بموكب ضم نساء آل البيت، ومعهم الإمام علي بن الحسين (ع) الناجي الوحيد من الأبناء الذكور للإمام الحسين الشهيد (ع) من واقعة الطف، وأثناء عبور الموكب قادماً من حلب إلى حماه خرج أهالي قرية الطيبة واستقبلوا موكب السبايا، مستنكرين طريقة السبي والواقعة بشكل عام، وقدموا للموكب الطعام والشراب، ورحبوا بالإمام السجاد (ع) ومن معه، فدعا لهم الامام "ع" قائلاً: "طيب الله ثراكم"، ولهذا أطلق عليها اسم "طيبة الإمام". فمأساة الإمام زين العابدين "عليه السلام" كما هو معروف لم تنته في كربلاء، حيث فوجئ الطاغية يزيد بوجود الإمام السجاد بين السبايا، وكان يعتقد أن كل أبناء الإمام الحسين "سلام الله عليهم" من الذكور قد
تم قتلهم.
الناحية العمرانية
يتألف المقام من ساحة كبيرة، يحيط بها عدد من الغرف الواسعة، تزينت الساحة بالنظام العمراني الإسلامي القديم الذي يعتمد على الأقواس المرتفعة، كما ويحتوي المقام على مأذنة وجامع، وتفوح من المكان رائحة
القداسة.
قبل أن تصل المقام وعلى الطريق العام تطالعك لافتة كتب عليها "هنا سجد.. هنا صلى.. هنا ابتهل، في هذه البقعة الطاهرة، سليل آل النبوة، الإمام علي زين العابدين بن الحسين". يزين المقام ثلاثة قباب، وبعض الزخارف الجميلة ، ويتوسطه الصندوق الذي أقيم في مكان سجود الإمام زين العابدين باللّون الأسود وعليه غطاء أخضر تزينه الآيات
القرآنية.
الغرفة التي تحوي الصندوق مطعمة بالحجارة السوداء القديمة، تعلوها القبة الضخمة، أغلب مساحات أرض المقام من الرخام وجدرانه من الحجارة، يمتاز بكثرة القباب،
والأقواس.
يطل المقام على مناظر ومساحات واسعة، ويتمتع بالموقع الجميل على سفح الجبل، وقد زاد هذا الموقع من أهميته كمكان للسياحة من قبل السكان المحليين، تأثر المقام بفعل الأحداث السياسية التي دارت في سورية منذ عام 2012 إلى ما بعد الـ 2020 بسبب طبيعة المنطقة التي تضم المقام الشريف وسيطرة الإرهاب عليها لفترة طويلة. لكن المقام الطاهر لم يتعرض المقام للهدم أو القصف أثناء الحرب، وهو جاهز لاستقبال زوار هذه البقعة التي تطهرت بمقام سليل بيت النبوة الإمام
السجاد.