امتهان الأزمات

الصفحة الاخيرة 2024/09/03
...

د. علاء هادي الحطاب
لا يمكن لأي نظام سياسي الاستمرار والنجاح ما لم تتوفر له سبل ذلك، وأولى تلك السبل هو وجود استقرار سياسي داخلي بالحد الذي يسمح للسلطات أن تؤدي وظائفها المنوطة بها كلا حسب اختصاصه ودوره وفق ما يرسمه الدستور والقوانين النافذة، وتحقيق العدالة الاجتماعية أهم تمظهرات تساوي جميع ابناء الأمة أمام القانون، إذ إن وجود اية استثناءات في تطبيق القوانين النافذة سيحيلنا إلى اجتهادات شخصية حتما ستكون خاضعة لامزجة ومصالح القوى النافذة، وهكذا كلما أصبحت قوة ما صاحبة النفوذ أصبح من الصعب تحقيق العدالة، لذا تنشأ الأزمات الداخلية التي تعيق أي استقرار سياسي داخلي، الأمر الذي ينعكس على الاستقرار المجتمعي. ولأن العراق عَرفَ منذ تشكيل دولته الأولى في عشرينيات القرن الازمات، بل وادمنها حتى صارت لازمة لكل الانظمة السياسية التي تعاقبت عليه، وانعكست بشكل جلي وواضح على مختلف سلطاته، فلو استعرضنا تأريخيا كمية التظاهرات والانقلابات وتشكيل الحكومات منذ العهدين الملكي والجمهوري بمختلف الوزارات التي تشكلت لبات واضحا امامنا كمية الأزمات التي مر بها هذا البلد.  وكما هو الحال اليوم استمرار الأزمات مع كل تشكيل حكومة او اقرار موازنة او تعرض الدولة لخطر او تدخل خارجي تبرز الأزمة على السطح بدلا من التعاون والتكاتف، بل وحتى التفكير في ايجاد المعالجات، لم تمر تشكيل حكومة ما بعد 2003 دون حدوث أزمة، كذلك لم تقر موازنة دون أزمة، وهكذا العلاقة بين الحكومة الاتحادية وحكومة الاقليم، علاقة الأحزاب فيما بينها، الطوئفة السياسية ومن أمثالها عشرات الأزمات المزمنة التي تأبى الانحسار فضلا عن الحل.  حتى بتنا نلحظ ظهور شخصيات يمكن تسميتها بشخصيات امتهان الأزمات تلك التي تستثمر الأزمات وتعمل عليها، فما إن اطلت أزمة ما برأسها حتى سارعت تلك الشخصيات او الجهات لركوب موجتها وامتطاء حصانها في سبيل الوصول إلى مصالح خاصة وأغراض شخصية او حزبية كتلوية. 

لذا لم تجد الأنظمة السياسية على اختلاف مراحلها وقواها السياسية حلا جذريا لأزماتها.