نصوصٌ للبيع

ثقافة شعبية 2024/09/12
...

كاظم غيلان 



كشف موقع (ارم نيوز) في تقرير له عن واحدة من ظواهر استجدت حديثا من شأنها خلق شعراء وشواعر وروائيين دونما عناء، ويتعدى الأمر إلى الحصول على عضوية في اتحادات ومنظمات أدبية عريقة ذائعة الصيت، بحسب الإعلام العربي الرسمي.

التقرير يسأل ويجيب بداية :

" هل حاولت الكتابة وفشلت لأن موهبتك ضحلة؟ 

الحل يسير جدا، إذ يمكنك شراء دواوين وروايات وغيرها من مولات النصوص التي بدأت اعلاناتها تغزو الانترنيت ".

التقرير عززته آراء عدد من أدباء عرب، كشفوا عن هزالة ما يحصل في هذه الظاهرة، ففي حين يصفها الشاعر المصري (فتحي عبد السميع) بالمرض الثقافي، راح الكاتب السوري (محمد عزوز) يفضح أحدهم دون أن يسميه، إذ يطلب أن يكتبوا له قصائد للنشر مقابل كروز دخان أو قنينة شراب، حتى حصل على عضوية اتحاد الأدباء العرب.

كاتب آخر أشار لإحداهن التي أصبحت رئيسة تحرير مجلة ثقافية بعد أن كتبوا لها عدة أعوام. إنها متاجرة بالوهم كما يرى البعض ومركب نقص أيضا. 

إذن أنت من اليسير جدا أن تصبح شاعر تفعيلة أو عمودي أو نثر أو روائيا، بمجرد دخولك هذه المولات لتشتري ما تريد، ومن ثم تصبح أديبا تشغل اهتمامات النقاد، ولربما تكون أعمالك محور دراسة في مؤتمر أو ملتقى للشعر، أو السرد.

الأمر طبيعي جدا ولن يثيرني أو يشغل مساحة من اهتمامي فما يجري متوقع في زمن التفاهة. لكنني رحت أتأمل المولات، حين تهبط قيمتها وتتحول إلى أسواق تشبه (علوة مخضر) وأسمع أصوات الباعة عالية :

"ديوان عمودي شك السجين بألف ونص.

ديوان نثر تازه.. جوه السوك بألف. 

رواية ٤٠٠ صفحة بالباكيت مربربه مال اليوم بألفين ".

أطلت تأملي متخيلا، كيف يشتري أحدهم ديوانا، ومن ثم يدخل مول الملابس الجاهزة ليشتري (قاط ابو السراوين)، ليضع مبرزا من فتحة سترته دعوة لحضور (المربد) مثلا، هناك حيث س (يربد) الحضور بقصيدته العصماء، التي اشتراها ربما (بالتقسيط المريح) من المول الأدبي، تعقبه (شاعرة) بانت على ملامحها بدايات مرحلة العنوسة الراهنة والقاهرة، لعلها تظفر بـ(ملطلط) يشبعها (سلفيات) ومن ثم يرشقها بدراسة 

(تشك شك). 

مولات بيع النتاجات الأدبية لها جذورها كظاهرة منذ قديم الزمان، لكنها انتقلت كشأن العديد من الظواهر، التي غادرت بدائيتها لتدخل عالم الانترنيت وصيحات الحداثة التي 

تتوالى.

لا أريد أن أضع ختاما لكتابتي هذه فهي تحتمل الكثير من الإضافات لكنْ لي سؤال:

في هذه الحالة وعند فحص النتاجات التي يتقدم بها الأدباء شعراء كانوا ام ساردين، لنيل عضوية جمعية أو رابطة أو اتحاد، هل ستبقي اللجان تسميتها أم تستبدلها بتسمية جديدة ولتكن مثلا: (لجنة فحص اللصوص).؟