حمزة مصطفى
مشكلة بايدن الذي أصبح عضوا في الكونغرس الأميركي مطلع سبعينيات القرن الماضي، تكمن في أحكام العمر التي لها تداعياتها على الإنسان أيا كان سياسيا أم ملاكما أم فنانا. خروج بايدن من السباق أدى إلى تغيير قواعد الاشتباك تماما.
فاز دونالد ترمب (الرئيس السابق والمرشح الحالي للرئاسة الأميركية) بالقاضية على منافسه الرئيس الحالي جو بايدن، خلال المناظرة التي جمعتهما خلال شهر حزيران الماضي. ترمب الذي يقف مؤيدا له عميد «زناكين» العالم إيلون ماسك كاد أن يفقد حياته، بعد تعرضه لمحاولة إغتيال خلال شهر تموز الماضي.
استفاد بلا شك من تلك الحادثة لفترة من الزمن، لكن الأمور سرعان ما انعكست سلبا عليه عندما قرر الحزب الديمقراطي إجبار بايدن المتعثر وكثير زلات اللسان على الاستقالة، وترشيح نائبته كاميلا هاريس للمنصب. خلال المناظرة الأخيرة التي جمعت ترمب وهاريس الأسبوع الماضي كانت الأذن حاضرة هذه المرة أيضا، لكن ليس أذن ترمب بل أذن هاريس، هاريس التي أعلنت المغنية تايلور سويفت الوقوف إلى جانبها. رفع ترمب الضماد الطبي الأبيض، الذي وضعه الأطباء على أذنه بعد محاولة اغتياله وتشافيه تماما، وشعور حملته الانتخابية أن الأذن التي يقول عنها شاعرنا العربي بشار بن برد وكان أعمى «تعشق قبل العين أحيانا»، قد أدت دورها في الحملة بالضد من منافسه العليل النحيل ذي الأداء الهزيل بايدن، الذي يصدق عليه وصف شاعرنا العربي المتنبي «كفى بجسمي نحولا إنني رجل.. لولا مخاطبتي اياك لم ترني».
تعقدت الأوضاع بمجرد ترشيح هاريس رسميا بدلا من بايدن، مع أن هاريس هندية الأصل سمراء اللون، تعد بالمقاييس التقليدية لتوصيف الزعامات في الولايات المتحدة الأميركية من «سياسيي الصدفة»، مثلما هو المصطلح الدارج بشأن العملية السياسية في جمهورية جزر القمر. لا يختلف ترمب كثيرا عنها لجهة كونه من خارج المؤسسة التقليدية بالقياس إلى سياسي عريق ومخضرم مثل
بايدن.
مشكلة بايدن الذي أصبح عضوا في الكونغرس الأميركي مطلع سبعينيات القرن الماضي، تكمن في أحكام العمر التي لها تداعياتها على الإنسان أيا كان سياسيا أم ملاكما أم فنانا. خروج بايدن من السباق أدى إلى تغيير قواعد الاشتباك
تماما. الآية انقلبت لصالح هاريس، بعد أن كانت لصالح ترمب، حيث يتعين عليهما حسم ما تسمى «الولايات المتأرجحة»، التي تحسم في الغالب نتيجة الصراع والتنافس بين المرشحين من كلا الحزبين الديمقراطي والجمهوري.
ترمب الذي حاول تسويق محاولة اغتياله كثمن واجب الدفع من أجل الوصول إلى الرئاسة للمرة الثانية، سرعان ما بدأ يتراجع حيال أداء هاريس المتصاعد مع الاستمرار في إتباع سياسة الإنكار المتمثلة دائما في عدم الاعتراف بالهزيمة والانتصار الدائم، حتى حلت كارثة المناظرة الأخيرة، التي يمكن القول إن المناظرة انتهت بالنقاط لصالح هاريس، التي لفتت الأنظار لا بضحكتها المجلجلة بسبب أو بدون سبب، بل بالقرط الذي كان يزين
أذنها. الغرابة ليست في القرط كونها امرأة، بل فيما بدا وكأن هناك لاقطة بيضاء تملي عليها من وراء الكواليس ما تقول وما لا
تقول.
الأميركان وإن كانت تهمهم نظرية المؤامرة توقفوا عبر السوشيال ميديا بقصة القرط هذا، لكنهم سرعان ما تجاوزوها مثلما تجاوزوا أذن ترمب للبحث في ما هو أهم بالنسبة لهم، لا سيما القضايا الداخلية مثل الهجرة والإجهاض والضرائب.
هذه المفردات هي التي تنوء بحملها الآن البطة العرجاء، وصولا إلى تشرين الثاني القادم، حيث موعد الامتحان الذي يكرم فيه المرء أو يهان.