{الباركود}.. تشفيرٍ إلكترونيّ يغلق فجوة الروتين

ريبورتاج 2024/09/16
...

 رحيم رزاق الجبوري

 تصوير: احمد جبارة

هناك الكثير من التقنيات الإلكترونية التي تخدم المواطن وتسهل أموره، وتسهم في تقليل الجهد وتذلل العقبات في شتى المجالات، في ظل الطفرة الكبيرة والتسارع المتنامي للتكنولوجيا وازدياد استخدامها في جميع مفاصل الحياة. إذ بدأت التكنولوجيا تطغى على التعامل الإداري والاقتصادي والتجاري والمالي وغيرها، وذلك لأنها تنتهج نظاماً إلكترونياً سرياَ يقلل من العقبات والمشكلات والبيروقراطية التي يتعرض لها المجتمع والأفراد، وضمن سعي الحكومة العراقية للدخول في نظام الحوكمة الإلكترونية والتحول الرقمي والذي شرعت به منذ مدة ليست بالقصيرة.

واستثمارها لتقنية "الباركود" المستخدم في الدوائر والمؤسسات الحكومية، والذي رفع هماً كبيراً عن كاهل المواطنين أثناء مراجعاتهم في دوائر ومؤسسات الدولة بغية إكمالها بأسرع وقت ممكن.


ولادة الفكرة  

نشأت فكرة الباركود في عام 1948 عندما سمع برنارد سيلفر، طالب دراسات عليا في معهد دريكسل للتكنولوجيا في فيلادلفيا، رئيس سلسلة سوبر ماركت يعبر عن الحاجة إلى نظام لقراءة معلومات المنتج تلقائياً في وقت الشراء. حيث شارك سيلفر هذه الفكرة مع صديقه، نورمان جوزيف وودلاند، الذي بدأ العمل على طريقة لتحقيقها. مستوحاة من شفرة مورس، رسم وودلاند خطوطاً على رمال الشاطئ، وأدركا أن الباركود يمكن أن يعمل بطريقة مماثلة. وفي عام 1952، حصل وودلاند على براءة اختراع النسخة الأولى من الباركود، باستخدام خطوط واسعة ورقيقة لتمثيل البيانات. ومع ذلك، لم تكن تقنية قراءة هذه الرموز متقدمة بما فيه الكفاية. ولم يتم مسح أول منتج بالباركود في سوبر ماركت حتى عام 1974. وبعدها قامت شركة IBM بتطوير الماسح الضوئي الليزري الأول الذي يمكنه قراءة الباركود بسرعة وبدقة، وكانت (علكة ريجلي) أول منتج تتم قراءته. وبهذا أحدثت هذه التكنولوجيا ثورة في صناعة البيع بالتجزئة، وسرعان ما أصبحت معيارًا عالميًا للتعرف على المنتجات وإدارة المخزون.


تعريف

وبحسب المهندس في شؤون تكنولوجيا الاتصالات (محمد الصفدي) الذي تطرق إلى تقنية الباركود Barcode والكيو آر كود QR-Code قائلاً: "إن الباركود Barcode هو عبارة عن خطوط طويلة مستقيمة تكون تحتها أرقام، وهو للتعريف بالمنتج كما هو معروف. أما الكيو آر كود QR-Code  فعبارة عن تقنية محدّثة للباركود".


رمزُ الاستجابة السريعة

ويضيف: "إن كلمة QR-Code هي اختصار لكلمات عدة، وهي Quick Response Code والتي تعني رمز الاستجابة السريعة وهي تقنية لتحويل البيانات لترميز خاص بطريقة عشوائية على شكل مربعات صغيرة طولاً وعرضاً داخل مربع افتراضي يتكون من ثلاثة مربعات في الزاويتين العلويتين والزاوية السفلية اليسرى وبداخلها مربع عبارة عن محددات الترميز".


الظهور الفعلي

ويؤكد الصفدي: "إن هذه التقنية ظهرت في اليابان عام 1994 بواسطة شركة Denso-Wave. علماً أن هناك فرقاً بين الباركود Barcode والكيو آر كود  QR-Codeإذ يستخدم الأول فقط الأرقام، أما الثاني فيستخدم الأرقام والحروف بجميع أنواعها". منوهاً "بأن الباركود لا تتم قراءته إلا بأجهزة متخصصة، بعكس الكيو آر كود الذي يمكن قراءته بواسطة كاميرا الهاتف الجوال، أو باستخدام تطبيقات وأجهزة أخرى متخصصة". خاتماً حديثه، بسرد أمثلة عدة، إذ يقول: "من النماذج على استخدامات الكيو آر كود، هي: نص عادي، أو عنوان موقع، أو بريد إلكتروني.. فمثلاً يمكن اختصار بعض الروابط الطويلة  بالكيو آر كود وبالتالي تسهيل عملية الوصول السريع للرابط المعني، 

وهو نص محمي بكلمة سر. كما يستخدم أيضاً في المنتجات كبديل للباركود".


صحة صدور إلكترونيَّة

وضمن سعي الحكومة العراقية، للتحول الإلكتروني الذي ابتدأت خطواته منذ مدة ليست بالقصيرة في جميع الوزارات والمؤسسات الحكومية، ومنها ما قامت به دائرة الكتاب العدول في إصدار ورقة (الباركود) الخاصة بصحة صدور وثائق المواطنين، بالتنسيق مع مركز البيانات في الأمانة العامة لمجلس الوزراء، إذ تم تزويدهم بـ(111) جهاز حاسوب منضدي مع جميع الملحقات، إضافة إلى أجهزة ‏طابعة عدد (111) لتوزيعها على الدوائر التابعة للدائرة في بغداد والمحافظات، من أجل إصدار ‏ورقة (باركود) للمراجع لاستخدامها عند مراجعته الدوائر ‏التي تعمل بهذا النظام للتأكد من صحة صدور أوراقه الرسمية دون الحاجة إلى إجراء مخاطبات مع الدوائر المعنية لبيان صحة الصدور وتأتي هذه الخطوة تسهيلاً لإنجاز معاملات المواطنين في الدوائر العدلية كافة.


تبسيط الإجراءات

كما تم تطبيق هذه التقنية في وزارة المالية، وذلك باعتماد صحة الصدور الإلكترونية للمعاملات المختلفة. حيث أعلنت الوزارة عن إنجاز تطبيق نظام (QR) الخاص بصحة الصدور الإلكترونية للمعاملات المختلفة. جاء ذلك التزاماً بتوجيهات رئيس مجلس الوزراء ووزير المالية طيف سامي، في تبسيط الإجراءات الحكومية وتخفيف الروتين في التعاملات الإدارية عن كاهل المواطن وبمتابعة مباشرة من قبل رئيس الديوان إسراء صالح داوود، حيث أعلن الديوان (أحد تشكيلات الوزارة) عن إتمام تطبيق نظام صحة الصدور الإلكترونية. مؤكدة: "أن نظام الوثائق الإلكترونية المؤمنة يعمل على إرسال كتب صحة الصدور التي تصدر من الديوان أو ترد إليه من قبل باقي الدوائر، من خلال عمل باركود خاص للكتب الصادرة والتحقق من الكتب الواردة. وتجدر الإشارة إلى أهمية هذا النظام في تبسيط الإجراءات الحكومية وتقليل الوقت والجهد والعمولات التي تقع على كاهل المواطن، كما يعمل على تقليل الزخم الإداري في المؤسسات، إضافة إلى الابتعاد عن التعاملات الورقية وإغلاق منافذ النفع غير المشروع والتزوير".


بوابة أور الإلكترونيَّة

بدوره يقول المتحدث باسم فريق الإعلام الحكومي حيدر مجيد: إن "بوابة أور الإلكترونية للخدمات الحكومية، أسهمت في اختزال الوقت وتجاوز الروتين والبيروقراطية، كما كان معمولاً به سابقاً، أثناء مراجعات المواطنين لمؤسسات الدولة، حيث كانوا ينتظرون في طوابير طويلة تستغرق وقتاً طويلاً، من أجل إنجاز معاملاتهم، فضلا عن تعرضهم إلى عمليات ابتزاز من قبل عدد من الموظفين".

خدمات متعددة

مضيفاً: "أن المنصة أسهمت أيضاً بالحد من ظاهرة الفساد الإداري والمالي، واستغلال المعقبين للمواطنين، وقد أصبح الأمر الآن أكثر بساطة بالنسبة للمواطنين، عبر التسجيل في البوابة والتقديم للخدمات المتاحة الإلكترونية، والتي بلغت حتى الآن ٤٤٠ خدمة إلكترونية".


وثائق مؤمنة

مشيراً إلى: "أن نظام الوثائق المؤمنة، وهو مشروع إلغاء معاملة صحة الصدور الورقية وتحويلها إلكترونياً عبر (رمز كيو آر) يسلم إلى المواطن مع الكتاب الرسمي والخطاب الرسمي، قد أسهم أيضاً في تقليل عملية استغلال المواطنين، وتقليل الفساد، إلى جانب تسريع إنجاز معاملات صحة الصدور إلى حد كبير".

خط مجاني

وبين مجيد أن إدارة مركز البيانات الوطني خصصت الخدمة الإرشادية (الخط المجاني) (5599)، وهذا الخط يعمل على مدار اليوم من الساعة التاسعة صباحاً وحتى الثانية عشرة ليلاً، بهدف الاستعلام من قبل المواطنين عن الخدمات المقدمة، إضافة إلى مساعدتهم في تلافي أي معوقات قد تعيقهم أثناء عملية التسجيل، وأيضاً للإبلاغ عن حالات اعتراض أو عدم تعاون الموظفين مع المواطنين في كل مؤسسات الدولة"، مؤكداً: "أن المركز الوطني مستمر بتنظيم وإنشاء المنصات الخاصة بالخدمات الحكومية، من خلال التنسيق مع مؤسسات الدولة، وتزامناً مع الخطوات الحكومية، كون هذا الملف يعد ضمن البرنامج الحكومي المعد للتحول الرقمي في جميع مفاصل الدولة".


انطباعات طيبة

هذا وأعرب مواطنون عن ارتياحهم لهذه الخطوة الجيدة، لا سيما تلك المتعلقة بتأكيد صحة صدور الوثائق الدراسية، والكتب الرسمية، وغيرها. والتي كانت تأخذ وقتاً طويلاً لحين ورودها من الجهة الأصيلة يصل لشهور عديدة، آملين في قادم الأيام أن تتطور هذه التقنية وتصل لمديات أبعد وأوسع خدمة للمواطن وتذليل العقبات أمامه.