شبابٌ يعيشون في منصات التواصل

ولد وبنت 2024/09/16
...

 بغداد: سرور العلي 

  يقضي العشريني سامر حسن معظم وقته بتصفح السوشيال ميديا، من دون ممارسة أي نشاط أو هواية نافعة، يمكنها أن تجعله أكثر وعياً ونضجاً، وبالرغم من إصرار والديه على التقليل من الساعات التي يقضيها على شبكة الإنترنت، إلا أنه يواصل التصفح واللعب من دون انقطاع، وهي ظاهرة أخذت بالاتساع بين شبابنا اليوم وحتى المراهقين، نتيجة للتطور الحاصل في تلك الوسائل ترى الموظفة نجلاء هشام أنه في السنوات السابقة، كان الشباب أكثر حرصاً على تطوير أنفسهم، وتنمية مهاراتهم وممارسة هوايات ومواهب مفيدة، كالرسم والموسيقى والعزف، والإطلاع الدائم وقراءة الكتب والمجلات، ومشاهدة البرامج ذات المحتوى الجيد.

 أما اليوم وفي عصر التكنولوجيا ومع وجود تطبيقات تعرض محتوى غير هادف، أصبح الشباب أكثر هوساً بها، غير مدركين العواقب والآثار اللاحقة، وضياع سنوات من أعمارهم من دون تحقيق أي طموح.

ولفت جعفر محسن الطالب في معهد الفنون الجميلة إلى أنه ينبغي للشباب استثمار منصات التواصل، لتعريف الآخرين بما يقدمونه من إنجازات، كما يقوم هو بنشر لوحاته وأعماله في الخط العربي والإسلامي، ليصبح له جمهور يطالبه بالمزيد، ويدعمه للاستمرار بموهبته، وتطوير أسلوبه وأدواته.

وأشارت الشابة سارة عدنان إلى أن ما نعانيه اليوم من تفاقم في البطالة، وغياب فرص العمل والتوظيف له دور بذلك، فلا يجد الشباب ملجأ للهروب من واقعهم سوى تلك الوسائل، التي ازدادت بشكل كبير مع استحداث برامج وتطبيقات كل يوم، ما يجعلها أكثر جاذبية لهم، وحثهم على البقاء فيها بشكل مستمر.

في حين تجد مها أحمد بتلك المنصات وسيلة للترويج عن أعمالها بالحياكة والتطريز، فهي باب للاسترزاق وتحسين  وضعها الاقتصادي، عن طريق بيع الحقائب والدمى والاكسسوارات، التي تقوم بصنعها وعرضها للآخرين، لطلب اقتنائها وشرائها منها، وبذلك فهي لا تضيع وقتها على هذه الوسائل، بل العكس كانت بالنسبة لها مشروعاً تجارياً مربحاً.

التربوي اياد مهدي عباس أوضح: “أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي جزءاً لا يتجزأ من حياة الناس، وخاصة فئة المراهقين والشباب، إذ يقضون معظم أوقاتهم على الإنترنت، بسبب ما يحصلون عليه من متعة أثناء تصفحهم للمواقع المختلفة، فيغوصون من دون أن يشعروا في زوايا هذا العالم المظلم والخطير، ويكتسبون منه أنماطاً سلوكية، البعض منها شاذ وغير سليم، تؤثر في طبيعة حياتهم اليومية وتهدد مستقبلهم، وبالتالي يصبحون أسرى لهذا الواقع الافتراضي، وبمرور الزمن يتحول هذا الواقع في نظرهم إلى حقيقي، يعيشه الشاب، فيصبح موطنه للسكينة، وبالتدرج يجد نفسه جزءاً من هذا العالم الواسع، فلا يعجبه أي عالم آخر، فيتعلق به ويقضي جل وقته في التصفح والبحث عن مواقع جديدة، حتى يمضي عمره من دون أن يشعر، وإذا به لم يستطع أن يتدارك نفسه، ولم يحقق طموحه بعد كشاب، عليه واجبات ومسؤوليات إزاء نفسه وأسرته، ومن الضروري أن  يعمل كي يعيش ويغطي نفقاته ومستلزماته اليومية، وبالتالي يصبح عالة على أهله وعلى المجتمع”.

وأضاف: “لذلك من الضروري أن تقوم الجهات المختصة بمتابعة هذا الأمر، والأخذ بنظر الاعتبار الآثار الخطيرة للإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي، في حياة شريحة واسعة من مجتمعنا، وغلق المواقع غير المرغوب فيها، وحجبها عن متناول المراهقين والشباب، من أجل حمايتهم من التيارات والأفكار التي لا تنسجم مع قيمنا الدينية والاجتماعية، وكذلك تقع المسؤولية الأكبر على الأسرة في متابعة الأبناء، ومنعهم من استعمال منصات التواصل لفترات طويلة، كي لا يصبحوا ضحية الإدمان، وما يترتب عليه من آثار نفسية وصحية وعقلية

خطيرة”.