مليارا دولار تحويلات العمالة الوافدة سنوياً

الثانية والثالثة 2024/09/16
...

 بغداد: هدى العزاوي

رغم تضارب الأرقام بشأن العمالة الوافدة إلى العراق ومقدار الذين دخلوا منهم بشكل رسمي وقانوني وأولئك الذين دخلوا قانونياً وكذلك مقدار الحوالات السنوية، إلا أن الأرقام تجمع بأن العدد الإجمالي يقدّر بـ(1 مليون عامل أجنبي) وأن ما بين 85 إلى 92 بالمئة منهم دخل بصورة غير قانونية، بينما تتراوح قيمة تحويلاتهم من العملة الصعبة خارج البلاد ما بين 2 إلى 4.2 مليار دولار سنوياً.

ولعل من المفارقات أنه في بلد مثل العراق، تزداد فيه نسبة البطالة عن معدلاتها ويبحث شبابه عن فرص عمل في القطاعين العام والخاص، فإن هذا الكم من العمالة الوافدة – لاسيما غير الشرعية - يفرض ضغوطاً على الدولة من كافة المناحي، ليس أقلّها المخاطر على الأمن القومي للبلاد والضغط على سوق العمل وتوفير فرص للشباب العراقي وكذلك ما يخرج من عملة صعبة بمبالغ عالية.

مستشار رئيس الوزراء للشؤون الاقتصادية والمالية، الدكتور مظهر محمد صالح، قال في حديث لـ"الصباح": "تشكّل العمالة الوافدة من ذوي المهارات العالية  أو المتخصصة  نسبة 15 بالمئة من إجمالي قوة العمل الوافدة  إلى البلاد ، بينما النسبة المتبقية التي تقارب 85 بالمئة من تلك العمالة الأجنبية  العاملة في بلادنا ،فهي من متوسطي المهارة أو المحدودة ، بل نجد أن غالبيتها ممن انتهت عقود عملها وهي مازالت مستمرة أو هي من العمالة الوافدة  بطرق غير شرعية "، مبيناً أن "ذلك يستوجب إيجاد علاجات قانونية وأمنية للتصدي لظاهرة تزايد العمالة غير الشرعية"

وأوضح، بأن" كلفة التحويلات السنوية للعمالة الأجنبية تقدّر بما لا يقل عن ملياري دولار سنوياً - على أقل تقدير - في ظل وجود عمالة أجنبية تعمل مع شركات النفط وتكاليف رواتبها عالية جداً، وهي تشكّل 70 بالمئة من نسبة العاملين في القطاع النفطي بمحافظات الوسط والجنوب".

ولفت صالح، إلى أن "المنافسة على فرص العمل التي تولدها العمالة الأجنبية إزاء العمالة المحلية على الوظائف، تعد واحدة من أهم المشكلات في بلادنا، دون أن نغفل أن تزايد أعداد العمالة الأجنبية - لاسيما غير الشرعية منها - يولد ضغطاً على البنية التحتية ويؤدي إلى ضغوط على الموارد والخدمات العامة مثل الإسكان والرعاية الصحية وغيرهما".

ووفقاً لوزارة العمل والشؤون الاجتماعية، فإن مليون عامل أجنبي، المسجل منهم بأوراق رسمية 71 ألف عامل فقط، وبحسب لجنة العمل النيابية فإن الأرقام الرسمية التي اطلعت عليها عن طريق رصد التحويلات المالية للعاملين الأجانب تبلغ أكثر من 350 مليون دولار شهرياً أي ما يعادل 4 مليارات و200 مليون دولار سنوياً.

إلى ذلك، أشار نائب رئيس لجنة العمل ومنظمات المجتمع المدني النيابية، النائب حسين عرب في حديث لـ"الصباح"، إلى "تزايد دخول الأيادي العاملة الأجنبية إلى العراق بشكل رسمي أو غير رسمي، وأن ذلك يؤثر سلباً في سوق العمل، فضلاً عن تداعياتها الخطيرة بالنسبة للعملة الصعبة".

وقال عرب: إن "الحكومة قامت بمعالجة الكثير من الفقرات المتعلقة بالعمال من خلال قانون التقاعد والضمان الاجتماعي، فضلاً عن صدور بعض القرارات من قبل مجلس الوزراء بتشكيل لجان مشتركة ما بين وزارة الداخلية والأمانة العامة لمجلس الوزراء ووزارة العمل بخصوص تكييف الوضع القانوني للعمال الأجانب"، مطالباً بـ"وضع تفاصيل دقيقة تتعلق بتنظيم العمالة الوافدة وتقنينها وجعلها ضمن الخط القانوني، لما تشكله من خطورة على سوق العمل ومستقبلهم في العراق".

عضو اللجنة النائب نور نافع الجليحاوي، أوضحت في حديث لـ"الصباح"، بأن "لجنة العمل ناقشت - أكثر من مرة - تفعيل مشروع قانون خاص لتنظيم عمل العمالة الأجنبية في العراق، فضلاً عن ضرورة تفعيل قوانين العمل النافذة بما يخدم العمالة المحلية".

ويرى المختص في الشؤون المالية وتنمية القطاع الخاص، الدكتور عقيل جبر علي المحمداوي، في حديث لـ"الصباح"، أنه "في ظل ارتفاع معدل البطالة في العراق بمقدار 0.2 نقطة وبنسبة 3.31 بالمئة في عام 2023 مقارنة بالعام الذي سبقه 2022، فإن العراق يحتاج إلى حالة من التوازن لضبط تدفق العمالة الأجنبية إليه، وإزاء ذلك تؤشر الحاجة الضرورية للموارد البشرية الماهرة والفنية وفق مخطط التوظيف المنهجي المنظم ووفقاً للاحتياجات الاقتصادية لأصناف المهن والأعمال الأساسية غير المتوافرة محلياً".

وأشار إلى "أهمية الحاجة لإعادة تقنين الشروط والضوابط الصادرة عن وزارة العمل والشؤون الاجتماعية وفق معطيات ومؤشرات مخطط العمل المنهجي المنظم، بشكل يصبح شرطاً أساسياً بالنسبة لهم نحو مزيد من التطوير وإحداث التنمية الشاملة في قطاعات الأعمال كافة".