تعديل قانون {المخدرات} يقترب من صيغته النهائية

الثانية والثالثة 2024/09/17
...

 بغداد: مهند عبد الوهاب


في تحذير وتنبيه كبيرين لخطر المخدرات على المجتمع العراقي؛ قرعت المرجعية الدينية العليا بالنجف الأشرف آب الماضي ناقوس الخطر بفداحة هذه الآفة السرطانية الدخيلة، وفي 16 إجابة واضحة وصريحة أجاب المرجع الديني الأعلى السيد علي السيستاني عن الأسئلة العميقة المختصة بخطر المخدرات، فأفتى بحرمة نقل وبيع وتهريب وتجارة وتعاطي المخدرات بكافة أشكالها وحرمة أي مبلغ مهما صغر ناتج عن التعامل بها، داعياً إلى مقاطعة كل من يثبت متاجرته أو تعامله بهذه السموم.

وانطلاقاً من فتاوى السيد السيستاني وتوجيهاته؛ حرصت الحكومة الحالية برئاسة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، على شنِّ حربٍ لا هوادة فيها على المخدرات، واستنفرت جميع جهودها ومؤسساتها للحدِّ من مخاطرها، ومن بين تلك الجهود هو الجانب التشريعي الذي يسعى لحماية العراقيين من المخدرات، حيث أوضح أعضاء بمجلس النواب أنه ستتم المواءمة بين مشروع تعديل قانون الحدِّ من انتشار المخدرات الوارد من رئاسة الجمهورية ومشروع التعديل الآخر الوارد من الحكومة ومن أبرز بنوده "التعامل مع المتعاطي كضحية" وتقديم كل الوسائل العلاجية والنفسية لتأهيله وإعادته فرداً صالحاً في المجتمع.

وقال رئيس لجنة الصحة والبيئة بمجلس النواب، ماجد شنكالي، في حديث خاص لـ"الصباح": إن "مشروع تعديل قانون المخدرات والمؤثرات العقلية رقم 50 لسنة 2017، ورد من رئاسة الجمهورية وتمت قراءته القراءة الأولى، وأيضاً تمت المناقشة بشأنه وتنظيم تقرير والتحضير للمناقشة الثانية، وقد وصلنا إلى مرحلة التصويت، وتم عقد اجتماع لوضع الصيغة النهائية لتعديل القانون مع لجان القانونية والأمن والدفاع، وهذا الأسبوع سننتهي من الاجتماعات لوضع الصياغة النهائية". 

وأوضح، "أننا سنعتمد مشروع تعديل القانون المرسل من قبل رئاسة الجمهورية، لكننا سنعتمد على أن يكون هنالك نوع من المواءمة والتوازن بين مشروعي التعديل - الأول الأصلي الذي وصل من رئاسة الجمهورية - والثاني الذي وصل من الحكومة"، وبيّن أن "التعديلات تخص تحويل   رئاسة (الهيئة الوطنية العليا لشؤون المخدرات والمؤثرات العقلية) من وزارة الصحة إلى وزارة  الداخلية، وكذلك تشكيل (وكالة لمكافحة المخدرات)، والتفريق بين المتعاطي والتاجر، بحيث يجري التعامل مع المتعاطي كضحية، كما سندخل في الأمور الفنية بما يتعلق بجانب الفحص وآلية الفحص ولمن سيكون الفحص، حتى لا يكون التعامل عشوائياً".

ووفق المادة 40 من قانون المخدرات والمؤثرات العقلية رقم 50 لسنة 2017، فإنه يجري إعفاء المتعاطي الذي يسلم نفسه للمؤسسة الصحية من العقوبات الجزائية، كما توفر له المادة المذكورة من القانون عدة حقوق من بينها: اعتبار المتعاطي مريضاً وليس متهماً، ووضعه تحت الملاحظة الصحية لمدة 30 يوماً، وتلقيه العلاج بشكل مجاني لفترة تتراوح ما بين 90 - 180 يوماً، والمادة 40 من القانون تشترط على المتعاطي: الالتزام بالعلاج، مراجعة العيادة النفسية الاجتماعية بعد الشفاء لفترة محددة، وفي حال عدم الالتزام أو التخلف يتم إشعار المحكمة المختصة باتخاذ الإجراءات القانونية بحقه، كما قامت الحكومة بفتح مراكز إعادة تأهيل في عدة محافظات وزادت عدد الأسرة المخصصة للأشخاص المبتلين بتعاطي المخدرات ويجري التعامل مع ملفاتهم الشخصية بسرية تامة حفظها لهم القانون.

إلى ذلك، قال عضو لجنة الأمن والدفاع النيابية، أحمد الموسوي، لـ"الصباح": إن "اللجنة هي جزء من اللجنة العليا المشكّلة من قبل الحكومة الاتحادية، وهناك اجتماعات مستمرة لوضع حلول ناجعة للحد من هذه الظاهرة التي ضريت المجتمع العراقي"، وبيّن أن "هناك محافظات عراقية فيها انتشار كبير للمخدرات، واللجنة تعمل وفق سياقات ورؤية وضعت من قبل مختصين، ونحتاج إلى تشديد القانون والتعامل مع المتعاطي كضحية،  بينما يجب التشدد مع تجار المخدرات وتشريع عقوبات رادعة".

وأضاف الموسوي، أن "لجنة الأمن والدفاع النيابية، تتعامل بشكل جاد مع هذا الملف، وأيضاً وزارة الداخلية تعمل على التنسيق بشكل مستمر مع اللجنة للحد من انتشار هذه الظاهرة، إضافة إلى عمل المصحات العلاجية في كل محافظات العراق"، مشيراً إلى أن "هنالك عملاً دؤوباً من قبل اللجنة ووزارة الداخلية للقضاء على انتشار المخدرات وملاحقة التجار ولاسيما في المحافظات الحدودية (ديالى والأنبار)"، مؤكداً أن "عمل اللجنة سيكون سانداً لوزارة الداخلية في إنجاز عملها ضد انتشار هذه الظاهرة".

جدير ذكره، أن خطوات حكومة محمد شياع السوداني، للقضاء على المخدرات والحدّ من انتشارها، تعد الأبرز في تاريخ الحكومات المتعاقبة، فوفق أرقام رسمية طبقت الحكومة برنامجاً خاصاً لإتلاف المواد المخدرة، حيث قامت الأجهزة المختصة بإتلاف ما مجموعه 8 أطنان و372 كغم من مادة الحشيشة و31 ألفاً و109 أبر مخدرة، و661 مليوناً و274 قرصاً مخدراً.

وكان رئيس الوزراء، قد دعا الأسبوع الماضي، إلى تشكيل تحالف دولي لمواجهة آفة المخدرات.

 وشهد الاجتماع الذي خُصص لمناقشة ومتابعة الإجراءات الحكومية المتخذة بشأن ملف مكافحة المخدرات في العراق، حضور وزراء الداخلية، والصحة، والعدل، ورئيس وأعضاء لجنة مكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية في مجلس النواب.

 وجرت، خلال الاجتماع، مناقشة ورقة العمل التي قدمها رئيس لجنة مكافحة المخدرات النيابية، وتضمنت عدة محاور، تخص مراجعة الإجراءات العملية التي قدمتها كل من وزارات الصحة والداخلية والعدل، ودور المحافظين، فضلاً عن تعديل قانون مكافحة المخدرات، وإمكانية رفع مستوى التشكيل المختص بالمكافحة في وزارة الداخلية.

وقد وجه السوداني، بأن يعقد هذا الاجتماع بشكل دوري كل شهرين لمتابعة التنفيذ، ومراجعة القرارات التي سبق أن اتخذها مجلس الوزراء بهذا الشأن، واللجنة العليا للتنسيق بين المحافظات، ومنها تخصيص قطعة أرض في كل محافظة لإنشاء مراكز متطورة لتأهيل المدمنين، ومستوى ما تحقق منها، مشيداً بخطوة مجلس النواب في تشكيل لجنة مختصة لمواجهة تحدّي المخدرات، مؤكداً استجابة الحكومة وتعاملها مع كل المبادرات الإيجابية في هذا الملف الخطير، وآخرها وأهمها توصيات المرجعية العليا الرشيدة، التي أكدت، دعم جهود الأجهزة الأمنية والساندة، ما يؤكد استشعار المرجعية للخطر الكبير من هذه الآفة، التي نعمل بكل جد على مواجهتها.