الاستثمار النفسي في الرياضة

آراء 2024/09/18
...

سعد العبيدي

شهد المجتمع العراقي في الأسابيع الأخيرة حالة حماس فريدة من نوعها، عقب تفوق البطلة نجلة عماد على عوقها وفوزها الكبير بالميدالية الذهبية لكرة الطاولة في دورة العاب عالمية أقيمت في باريس، وكذلك خلال المواجهة المتكافئة في كرة القدم مع المنتخب الكويتي على أرض الكويت..

حماس يعكس في الأعماق رغبة ملحة لدى عموم العراقيين في تحقيق إنجازات وطنية ملموسة، ويعبر في ذات الوقت عن حب أهل العراق للرياضة والرياضيين سبيلاً لتحقيق تلك الانجازات، وهو على وجه العموم نوع من الحماس مرتبط بشكل وثيق بالحالة النفسية العامة للمجتمع، الذي يحتاج إلى الشعور بالفخر والاعتزاز بذاته الوطنية في ظل أزمات وتحديات استمرت من ذاك الزمان، وعبرت إلى هذا الزمان بشكل متواصل ولفترة زمنية تعد طويلة، أسهمت مع عوامل أخرى في خفوت مشاعر الفخر الوطني في النفوس أو الحد منها بقدر كبير.
إن الرياضة في كل المجتمعات البشرية معروف عنها منح الناس شعوراً بالرضا وتعززاً للهوية الوطنية، ومعروف عنها أيضاً وسيلة فاعلة للتغلب على التوترات النفسية والضغوط الناتجة عن ظروف العيش وعدم الاستقرار الأمني، لأن النجاحات فيها والبطولات الآتية من مجالاتها تفتح منافذ للترويح والتنفيس تساعد على تحويل التركيز من مشاعر القلق على الحاضر والمستقبل إلى شعور بالإنجاز وفخر بالانتماء إلى وطن هو بالنسبة إلى العراق بحاجة ماسة إلى تقوية الانتماء اليه. حقيقة تلقي الأعباء كلها على الحكومة لتدرك أولاً هذه الأهمية النفسية للرياضة، وتسعي ثانياً إلى الاستثمار في مجالها لتحسين الصحة النفسية العامة للمجتمع العراقي، من خلال توظيف أكبر لرأس المال وبذل جهود أكثر، لأن الاستثمار في حد ذاته ليس مجرد ترف، بل هو وسيلة لتعزيز روح التضامن وزرع الأمل في نفوس الناس، وسبيلاً لإنتاج أبطال رياضيين جدد، يسهمون في خلق بيئة نفسية أكثر استقراراً وتفاؤلاً للمجتمع ا
لعراقي.