بغداد: سرور العلي
تصوير: كرم الأعسم
اعتاد سجاد الزيدي مشاركة ما يقرأه على السوشيال ميديا، وذلك لشغفه بالقراءة والإطلاع والمعرفة، وعرض مجموعة من النصوص لقيمتها الفكرية، وصياغتها الأدبية، ليتطور الأمر إلى إعداد مقاطع فيديو للتعريف بالكتب، ليصبح فيما بعد صانع محتوى، وينجح بافتتاح دار للنشر والطباعة والتوزيع.ولفت إلى أن التأثير الأكبر عليه، من تجربة حدثت معه في معرض العراق الدولي للكتاب، إذ لم يكن يعلم بوجود العديد من الأشخاص المتأثرين بالكتب التي قام بمشاركتها معهم، فما زال يتذكر قدوم فتاة لا يتجاوز عمرها الثامنة عشرة، مع والدها للجناح الخاص به.
وهي من محافظة كربلاء، وقد لاحظ شغفها بالكتب، الذي ازداد بسبب ما يشاركه من محتوى على مواقع التواصل الاجتماعي، وفقاً لرأي والدها، الذي كان برفقتها، وهذا كان من المواقف العديدة التي جعلته يدرك مدى أهمية الكلمة والأفكار الهادفة المطروحة من قبله.
مؤكداً: «الهدف الذي أطمح بالوصول إليه، هو صنع قاعدة من القراء، وتشجيع أكبر قدر ممكن من الأفراد على قراءة الكتب، وتعريفهم بمدى أهميتها، وهذا ما يجعلني استذكر مقولة مالكوم اكس (الناس لا تعرف أن كتاباً واحداً كفيل بأن يغير حياتها)، فالكتب غيرت الكثير من جوانب شخصيتي، إذ جعلتني أكثر هدوءاً، وإدراكاً لما يدور حولي».
وأشار إلى أن مشروعه دار النشر، كان يراوده منذ سنوات عدة، لذا انصب جل اهتمامه حوله، إلا أن هذه الخطوة كانت في بدايتها صعبة، وذلك لأنه ليس لديه القدر الكافي من المعلومات، التي تؤهله لاتخاذ الخطوة الأولى، لفتح الدار فقام بمشاركة العديد من دور النشر العربية والعراقية، سواء داخل العراق أو خارجه، لغرض الخبرة الكافية، لإدارة مشروعه الخاص، الأمر الذي أرفده بقدر كبير من المعلومات، ما جعله يتجنب الأخطاء المهنية.
موضحاً أن هناك العديد من التحديات، وهذا هو البديهي في المشاريع التجارية، لا سيما الثقافية كدور النشر، إلا أن الشغف والمعرفة بطبيعة العمل ومتطلباته، وأخلاقيات المهنة عوامل ضرورية، لاستمرار هذا النوع من المشاريع، رغم قلة عوائده المالية، فالعديد من الأشخاص كانت نصيحتهم له بعدم اتخاذ هذه الخطوة، كونها لن تعود بمردود مالي جيد، بالإضافة إلى أن عدد القراء في العراق لم يعد كالسابق، إلا أن هذا شكل لديه سبباً آخر أو حافزاً، لكي ينطلق بقوته، ويجعل هذا المشروع ناجحاً، وله أثر في شريحة
الشباب.
وعن ذلك قال :«لم تكن البدايات يسيرة، لكنني مستمر بذلك، فقد وضعت هدفاً أساسياً، وهو تمثيل العراق أمام الدول الأخرى».
وما زال الزيدي مستمراً بتطوير ذاته، كونه أمراً لا يتوقف عند نقطة معينة، لا سيما أن مجالات المعرفة التي يتطلبها المشروع عديدة ومنها، ما يتعلق بمجال التسويق، وأخرى عن صناعة المحتوى الهادف، وفي الشارقة بدولة الإمارات شارك بالعديد من الكورسات الخاصة بصناعة المحتوى، بالإضافة إلى دورات إعلامية عن كيفية الإلقاء والصوت في أربيل، وأيضاً دورات عن التصوير وغيرها، وفي الوقت الحالي وصلت إصدارات داره إلى 55 إصداراً.
ويطمح الزيدي إلى ترك أثر في هذه الحياة، وألا يكون مجرد عدد، وإنما رقم صعب غير قابل للمقارنة، والسعي للتأثير بأكبر عدد من الأشخاص وتعريفهم بأهمية الكتب، وهذا أحد أسباب استمراره بالتطور بشكل متواصل، وكذلك تشجيع عامة الناس على القراءة، لأن لها دوراً بتقدم المجتمعات ورقيها، وإعادة إحياء النموذج العراقي القارئ، كون العراق بلد الحرف الأول، لذلك من المهم جداً وجود معارض للكتب، وخلق بيئة وأجواء مناسبة، وزيارة دور النشر التي تتواجد لأول مرة.
وتابع حديثه “بالتأكيد أسرتي هي الداعم الأول لي، والأصدقاء المقربون، هم الداعمون لي معنوياً عند فقدان شغفي، وبالتالي فإن وجودهم نعمة في حياتي».
شارك الزيدي بالكثير من المعارض والمهرجانات الثقافية ومنها، معرض الدوحة الدولي للكتاب، ومعرض الرياض الدولي، ومعرض الشارقة، ومعرض مسقط الدولي، ومعرض تراتيل سجادية، ومعرض أربيل والبصرة وكربلاء وبغداد، ومعرض خاص في عنكاوا وغيرها.
وختم الزيدي حديثه برسالة: «رسالتي لكل فرد بأن يقرأ، ويستشعر لذة القراءة والمعرفة، وأنت لست مجبراً إذا شعرت أن الكتاب لا يلبي رغبتك واهتمامك، فلا تكمله، وحاول العثور على كتاب يثير اهتمامك فقط، ولا تكن نسخة من غيرك، ولا تكن مجرد
عدد».