العراقيون يلبون نداء المرجعية الدينية العليا بمساندة لبنان
![...](/uploads/posts/2024-09/1727131319_03.jpg)
بغداد: محمد الأنصاري
عقب دقائق معدودات من نشر بيان المرجعية الدينية العليا في النجف الأشرف بالتضامن مع لبنان إثر العدوان الصهيوني الغاشم ودعوتها لتقديم الدعم والمساندة للشعب اللبناني الشقيق؛ هبّت الشرائح المجتمعية والسياسية العراقية ملبية نداء المرجعية العليا، حيث أُعلن عن إرسال معونات ومساعدات عاجلة للبنان، وإجراء وقفات احتجاجية بمختلف مناطق العراق دعماً لصمود الشعبين اللبناني والفلسطيني بوجه العدوان الهمجي الذي يشنُّه الصهاينة.
وقال مكتب المرجع الديني الأعلى السيد علي السيستاني بالنجف الأشرف، في بيان تلقته "الصباح": "في هذه الأيام العصيبة التي يمر بها الشعب اللبناني الكريم، حيث يتعرض بصورة متزايدة للعدوان الصهيوني الغاشم وبأساليب متوحشة، شملت تفجير أعداد كبيرة من أجهزة الاتصالات الشخصية ونحوها، واستهداف مساكن مكتظة بالمواطنين حتى من النساء والأطفال، وشنّ غارات مكثفة على عشرات القرى والبلدات في الجنوب والبقاع، مما أسفر - حتى الآن - عن استشهاد وجرح أعداد كبيرة من المقاومين الأبطال وغيرهم من المدنيين الأبرياء وتهجير عشرات الآلاف عن مساكنهم ومنازلهم، فإن المرجعية الدينية العليا تعرب عن تضامنها مع أعزتها اللبنانيين الكرام ومواساتها لهم في معاناتهم الكبيرة، رافعة أكفّ الضراعة إلى الله العلي القدير أن يرعاهم ويحميهم ويدفع عنهم شر الأشرار وكيد الفجّار، وأن يشمل شهداءهم الأبرار بالرحمة والرضوان ويمنّ على الجرحى والمصابين بالشفاء العاجل".
وطالبت المرجعية الدينية العليا، وفقاً للبيان، بـ"بذل كل جهدٍ ممكن لوقف هذا العدوان الهمجي المستمر وحماية الشعب اللبناني من آثاره المدمرة"، داعية "المؤمنين إلى القيام بما يُسهم في تخفيف معاناتهم وتأمين احتياجاتهم الإنسانية".
وأعلنت الحوزة العلمية في النجف الأشرف، مساء أمس الاثنين، تعطيل دروسها (اليوم الثلاثاء) تضامناً مع الشعب اللبناني واستجابة لنداء المرجعية، وذكر بيان ورد لـ"الصباح"، أنه تضامناً مع الشعب اللبناني العزيز الذي يتعرض لأشرس عدوان يشنّه عليه الكيان الصهيوني الغاصب وقد أسفر - حتى الآن - عن استشهاد وجرح المئات من المواطنين وتشريد عشرات الآلاف عن مناطقهم، ودعماً للبيان الصادر من مكتب المرجعية الدينية العليا بهذا الخصوص تعطّل دروس الحوزة العلمية في النجف الأشرف ليوم الثلاثاء 20 ربيع الأول، مع التضرُّع إلى الله العلي القدير أن يرد كيد المعتدين إلى أنفسهم ويدفع عن الشعب اللبناني الأبيّ كل سوء ومكروه.
الموقف العراقي الرسمي
كما أصدر رئيس الوزراء محمد شياع السوداني بياناً من مقر إقامته في نيويورك قال فيه: إنه في ظل تطوّرات الأوضاع التي يشهدها لبنان الشقيق، يقف العراق، حكومةً وشعباً، وقفة الحق والعدالة والمبادئ، مستنداً إلى كل ما جاء في بيان مكتب المرجع الأعلى آية الله العظمى السيد علي السيستاني (دام ظله)، الذي تضمّن دعوة سماحته ببذل كل الجهود لوقف العدوان، ومساعدة لبنان وشعبه في مواجهته الشجاعة للاعتداءات الإجرامية الصهيونية التي أدت إلى استشهاد المئات من أبنائه البررة، وجرح الآلاف من المدنيين الآمنين.
وأضاف السوداني، أن هذا الموقف ليس بالجديد على المرجعية العليا في النجف الأشرف، التي طالما أعلنت وعلى مدى سنوات، عن تشخيصها الحكيم لأصل وجود الكيان الصهيوني واحتلاله لفلسطين، ومحاولاته زرع الفتنة وتوسعة الصراع في المنطقة.
وقال رئيس الوزراء: إن المواقف المعلنة لحكومتنا كانت واضحة وصريحة منذ البداية برفض العدوان الغاشم على غزّة، وعلى كل فلسطين الصامدة، فضلاً عن اعتداءات الكيان الغاصب على سيادة بعض الدول في المنطقة.
وتابع: ومثلما دعونا باستمرار الدول الكبرى والمنظمات الأممية والدولية، وجميع الدول العربية والإسلامية، للعمل على إيقاف آلة الحرب الصهيونية المجرمة، وبناءً على هذه التطوّرات، يدعو ويعمل العراق لعقد اجتماع طارئ لقادة وفود الدول العربية (المتواجدين حالياً في نيويورك)، والعمل لعقد قمة إسلامية، لبحث تداعيات العدوان الصهيوني على شعبنا الآمن في لبنان، والعمل المشترك لوقف سلوكه الإجرامي، وتحشيد الرأي العالمي، الذي لم يكن عبر تاريخ القضية الفلسطينية، بأكثر اطلاعاً بالظلم الواقع على الفلسطينيين، وما يطال اليوم لبنان الآمن المستقر.
وشدد السوداني: ونعلن باسم العراق، حكومة وشعباً، مضينا في تنظيم الجهود ونقل المساعدات التي يحتشد فيها الجهد الشعبي والرسمي، استجابةً لدعوة المرجعية العليا وتوجيهاتها، في بذل كل ما من شأنه أن يخفف من معاناة الأشقاء في لبنان، من خلال جسر جوّي وبرّي، وتسهيل إرسال الوقود لتشغيل محطّات الكهرباء التي تحتاجها المستشفيات والمؤسسات الخدمية اللبنانية، فضلاً عن أبوابنا المفتوحة لاستقبال الجرحى والمصابين في المستشفيات العراقية، وبذل كل ما يعزز صمود لبنان أمام ما يتعرّض له من اعتداءات وجرائم إرهابية على يد الإجرام الصهيوني.
بيان الإطار التنسيقي
إلى ذلك، أفاد بيان للإطار التنسيقي، بأن الإطار عقد اجتماعه الدوري مساء أمس الاثنين، في مكتب رئيس ائتلاف دولة القانون نوري المالكي، لمناقشة آخر التطورات والأحداث في المنطقة، وخصوصاً حرب الإبادة الوحشية التي يشنُّها الكيان الإجرامي الصهيوني ضد أهلنا في لبنان وفلسطين.
وأكد الإطار التنسيقي بشدة استنكاره وإدانته لهذه الجرائم التي تنفذها آلة الحرب الصهيونية ضد المواطنين العزل في الضاحية الجنوبية وبقية مدن لبنان. وخلال الاجتماع، أكد قادة الإطار على أن بيان المرجعية العليا يشكل خارطة طريق واضحة لمن يرغب في تقديم الدعم والإسناد بكافة أشكاله.
وأعرب الإطار التنسيقي عن تحيته لأبطال حزب الله الشجعان المرابطين، وعلى رأسهم سماحة السيد حسن نصر الله، معلناً استعداده الدائم للوقوف إلى جانب الأشقاء اللبنانيين في محنتهم بكل الوسائل الممكنة، دعماً لصمود ومقاومة حزب الله الأبطال. كما دعا الإطار جميع أبناء الشعب العراقي، وأصحاب الهيئات والمؤسسات، إلى فتح باب التبرعات وتسيير قوافل الدعم الإنساني، للتعبير عن التلاحم والتضامن مع الشعب اللبناني الشقيق ومقاومته البطلة.
نداء السيد الصدر
في سياق متصل، قال زعيم التيار الوطني الشيعي السيد مقتدى الصدر في بيان بخط اليد: "قال تعالى (يا أيها الذين آمنوا إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم).. فانصروا المجاهدين في لبنان وفلسطين بما يلي: أولاً- رفع الأعلام اللبنانية والفلسطينية إلى جنب العلم العراقي فوق سطوح المنازل والمحال والعمارات وفي الطرق والأزقة. ثانياً- قراءة دعاء أهل الثغور نصرة لبيروت والقدس الشريف بعد صلاة الفجر وبعد صلاة المغرب يومياً..فالله تعالى مجيب سميع الدعاء. ثالثاً – المجاهدون (لاسيما في لبنان) بحاجة إلى العلاج والدواء والأطباء، فعلى من يستطيع معونتهم فلا يقصر في ذلك رجاءً أكيداً... اللهم فانصر المجاهدين في فلسطين ولبنان الحبيبتين وثبت أقدامهم بحق محمد وآل محمد... مقتدى الصدر".
مواقف وطنية
من جانبه، قال رئيس هيئة الحشد الشعبي فالح الفياض في بيان: إننا إذ نعلن التضامن الكامل مع الأشقاء في لبنان أمام الغطرسة الصهيونية وآلة القتل اليومية التي تتنقل بين فلسطين ولبنان وسوريا، فإننا نعلن استعدادنا الكامل واستنفارنا التام لإبداء كل أنواع المساعدة الممكنة على الصعيد الإغاثي والطبي والإنساني لاخواننا في لبنان استجابة لنداء المرجعية الدينية العليا وانطلاقاً من الواجب الإنساني والأخوي والديني.
أما رئيس تيار الحكمة السيد عمار الحكيم، فقال في بيان: نقف بكل إجلال وإكبار عند بيان المرجعية الدينية العليا الذي عبّر عن عمق الألم والأسى تجاه الاعتداءات الصهيونية الغاشمة، ودعا إلى بذل كل جهد ممكن لإيقاف هذا العدوان الوحشي.
ودعا الحكيم، أبناء تيار الحكمة الوطني (تنظيمات وكوادر ومؤسسات) وكافة المؤمنين وأصحاب الضمائر الحية إلى المبادرة العاجلة في تقديم الإغاثة الإنسانية للشعب اللبناني العزيز، كما نؤكد على ضرورة العمل الجاد لإيقاف العدوان الهمجي وحماية المدنيين الأبرياء، خاصة في ظل استهداف القرى والمدن اللبنانية بطريقة وحشية.
وأعلنت الأمانة العامة للعتبة العباسية المقدسة، مساء أمس الاثنين، إرسال مساعدات إنسانية إلى لبنان، وذكرت العتبة في بيان تلقته "الصباح"، أنه "تضامناً مع الشعب اللبناني ومواساتهم في معاناتهم الأليمة، وتنفيذاً لتوجيهات المرجعية الدينية العليا في النجف الأشرف بدعوتها المؤمنين للقيام بما يُسهم في التخفيف عن معاناة الشعب اللبناني وتأمين احتياجاتهم الإنسانية، بادرت الأمانة العامة للعتبة العباسية المقدسة لتهيئة ما يلزم لإيصال المساعدات الإنسانية إلى الشعب اللبناني"، وأضاف البيان، أنه "جاء ذلك بالتنسيق مع الحكومة العراقية؛ من أجل تسهيل إجراءات إرسالها بأسرع وقت".