العمل الخيري يعزز دعائم السلم الأهلي والتنمية

ريبورتاج 2024/09/26
...

 قاسم موزان
 تصوير: خضير العتابي

يقضي شاكر معظم وقته في البحث عن تلك الأيادي الكريمة التي اعتادت مفهوم العطاء، فهو يسوّق من خلال منصات التواصل الاجتماعي وعبر الأصدقاء والأقارب لمبادرته من خلال دعوات لمد يد العون لمن يحتاجها، فلا أقدس من أن يكون الإنسان معطاء في سبيل مساعدة الإنسان.
 الأمم المتحدة بدورها أقرت الخامس من أيلول، يوماً عالمياً للعمل الخيري؛ تخليداً لذكرى ماما تيريزا، الحائزة على جائزة نوبل للسلام 1979 تثميناً لجهودها في خدمة المهمشين والضعفاء والضحايا، حيث يشكل العمل الخيري ركيزة أساسية لتقديم العون والمساعدة لمن يحتاجها، ما يحفز المنظمات المدنية على الإسهام في خلق مجتمعات أكثر شمولاً ومرونةً، إذ إن الأنشطة الخيرية قادرة على معالجة آثار الأزمات والحروب والكوارث والمجاعات، من خلال السعي لتقديم الخدمات العامة في مفاصل حيوية ذات مساس مباشر بحياة الإنسان. منها الرعاية الطبية وتوفير التعليم والعيش الكريم لأفراد المجتمعات وحماية الطفولة، والتغلب على الفقر الذي يسهم في إرساء دعائم السلام العالمي.

تكافلٌ مجتمعي
إلى ذلك أوضحت الناشطة المدنية ورئيسة مركز حقوق المرأة الإنسانية د. مها الصكبان، أن مفهومي العمل الخيري والعمل التطوعي يقترنان بالفتيات والنساء غالباً، ولكنهما لا يقتصران عليهن، فالعمل الخيري شكل من أشكال الدعم والتكافل المجتمعي، ومن الممكن أن يكون على أنواع عدة، مثل مساعدة الآخرين ببذل الجهود أو الوقت أو المال أو الأفكار والتوجيه والقيادة، أو أن يكون فردياً، وذلك محدود التأثير، أما العمل الجماعي فذو تأثير أوسع وأشمل ونافع، مثل إسعاف المريض، ومساعدة المحتاج، وتوجيه النصح، وحل أزمة من الأزمات.

تعزيز التنمية
بدوره قال أستاذ دراسات السلام وحقوق الإنسان في جامعة دهوك زيرفان أمين عبدالله، واصفاً العمل الخيري كصفة من صفات الإنسانية الراقية، ومن دعائم الأنماط البشرية المتماسكة منذ القدم، إذ يرتكز على فكرة تقديم العون للمجتمع بأفراده، وهياكله الاجتماعية، ومؤسساته الرسمية وشبه الرسمية، وتقديم أفضل ما لدى المتطوع بمبادرة شخصية من وقت وجهد ومعرفة، بمقابل معنوي أو مادي. مشيراً إلى أن "ما يميز العمل التطوعي أنه يبتعد عن الاستغلال والاستعباد. فالمبادر يشعر نفسياً بالارتياح لأنه يساعد مجتمعه ويسهم في بنائه وتطوره، أو الشعور بمواطنيته وإنسانيته".
وأضاف عبد الله، أن "العمل الخيري مؤشر قوي للتماسك الاجتماعي، لذا ركزت عليه هيئة الأمم المتحدة بجميع وكالاتها ومنظماتها وبرامجها، وكذلك المنظمات الحكومية وغير الحكومية الدولية منها والمحلية، وتصب المدارات جميعها بشكل منتظم في اسناد المجتمع، وتسهم في تنميته وازدهاره، وتأسيس وتعزيز التنمية المستدامة الشاملة والسلام الدائم".

التذكير بالإنسان
القاص عبد السادة جبار، بين أن "المنظمات العالمية السلمية المدافعة عن وجود وحياة الإنسان تلجأ إلى تنظيم مناسبات، تحاول من خلالها أن تقف ضد قوى التخريب وتدمير الإنسان فتضطر إلى مواجهتها من خلال نوع آخر من الأسلحة، وهو إصلاح وحماية النوع الإنساني المضطهد والذي اضطربت حياته؛ نتيجة لتلك الصراعات، وانتهى الأمر به إلى الفقر وغياب الصحة، واستوطنت في بيئته الأمراض والجهل وضياع فرص التعليم والتدريب وضياع طاقاته في أعمال اضطرارية لا تليق بقدراته من أجل العيش البسيط". منوهاً بأن "اليوم العالمي مناسبة للتذكير بأن المطلوب من القوى الإنسانية أجمعها استثمار المال، وخيرات الأرض لاحتضان تلك الطاقات، وتهيئة البيئة الصحية المناسبة لإطلاقها ودعمها بالتعليم والتدريب لتطوير الإنجاز البشري المفيد بما يجعل النوع الإنساني قادراً على العطاء، وبما يضمن تخلصه من الفقر والحاجة، والعيش بسلام، وتعد فرصة لتوظيف الجهود من الإعلاميين والمثقفين لترسيخ مفهوم العمل الخيري".

فطرة إنسانيَّة
 يشير الإعلامي عادل فاخر إلى أن "العمل الخيري هو فعل تلقائي أوجدته الفطرة الإنسانية، وربما غريزي لأنه يحتم على الناس تقديم العون من دون مقابل". مؤكداً، أن "العمل الخيري أو الإنساني يهدف في الوقت ذاته إلى تعزيز الأواصر الاجتماعية، وخلق مجتمعات أكثر مرونة لمعالجة آثار الأضرار المترتبة على الأزمات الإنسانية، لذا نحن بحاجة إلى بث روح التطوع بين الشباب خصوصاً، من خلال الإعلام والمنابر الدينية، فضلاً عن أهمية تفعيل القوانين الخاصة بالتطوع أو حماية المسعف، وخصوصاً  في البلدان التي ما زالت تعاني من النزوح، ووجود مراكز إيواء للنازحين، كما أن هناك مدناً وأسراً ما زالت تعيش تحت خط الفقر بحسب إحصائيات رسمية، وذلك يتطلب التكافل والعمل الجماعي وتقديم يد العون لكل من يستحق لإعادته إلى المجتمع".

حماية الموروث
من جانبها أوضحت الصحفية ميس مهدي، أن "العمل الخيري يعزز حقوق المهمشين، ويرفع الأضرار المترتبة على الأزمات الإنسانية، فهو عامل فطري نابع من أعماق حقيقة الإنسان المبادر، ويأتي بأحاسيس ومشاعر طيبة، إذ تم تخصيص يوم دولي للعمل الخيري للاحتفال به وهدفه الأساس التوعية وتحفيز وتشجيع الأفراد والمؤسسات على مساعدة الفقراء والمهمشين في كل بقاع الأرض، ومن مختلف الأعراق والديانات من دون تفريق، كما له دور في حماية الموروث الثقافي وتحسين الخدمات"، مبينة، أن "العمل الخيري كغيره من الأعمال بحاجة إلى تطوير وتعزيز مستمر من خلال اعتماد مناهج تركز على مفاهيم وإيجابيات العمل الخيري، وغرس قيم التضحية ومفاهيم الإيثار في نفوس الجميع".