رؤى ورؤية

الرياضة 2024/09/26
...

علي حنون

طُويّت صفحة وفُتحت أخرى، انتهت حكايات وبدأت غيرها كُل حال تغيّر بين أمس فيه كُل أمرٍ واضح وبين اليوم، الذي يظهر فيه كل أمر غامض، مُلوثات الحياة وسوء النية ضربت بقوةٍ مفاصل جُل المنظومات الحياتية وبلغت بأدرانها حدود الوسط الرياضي، بعناوينه المُختلفة وفواصل تخصصه، حتى أصبح الخوض في شؤونه - في أحايين كثيرة - يُثير الخزن والشجن والألم ويَبعث عند الآخرين الريبة والشك بصدد مكنونات الحديث.
أمسى جلياً أن النيل من إداري أو مدرب أو لاعب وحتى إعلامي رياضي، غايةً للبعض، الذي بَقيت سهام نيله من الآخرين تحتضنها باستمرار أقواس التجاوز بعيداً عن المهنية، التي كنا جميعاً نُقدمها عنواناً بارزاً تنضوي تحته العناوين الفرعية كُلها، والتي تُسوّق في جوهرها إلى نقاء الوسط الرياضي، وأمست الطرق جميعها تَشفع لمَن يُريد السير في سبيل (التسقيط) سالكة في ظل وجود قاعدة، لا تفقه المعنى الحقيقي للرياضة، وفي كنف أجواء غابت عنها الإجراءات، التي يُمكن أن تردع من يمتهن تشويه صورة وسمعة من يتقاطع معه بفكرة أو يقف دون التقائهم بالرؤى حاجزاً مهنياً، فتراه يلتحف الخبث ثوباً من فوره ويستل سيف التجريح من غمد الشعور بالنقص لضرب من حوله بمقتل حتى لو كان الهدف لنبال غله زميلاً يرتبط معه برحلة تواصل تُؤطرها المواقف الطيبة في محطات سابقة.
فيما مضى، كانت معايير أخلاقية ومادية تَحكُم حتى من يَنشد التقييم بغاية التقويم، وكان اللاعب الشاب ينأى بنفسه عن تقييم اللاعب الدولي ويَبتعد المدرب عن الإدلاء برأيه بحق زميل يسبقه حضوراً في عالم التدريب خشية الوقوع في شرك (سوء الظن) والرؤية غير الصائبة، وكذلك الأمر لدى الآخرين، وأما اليوم، فقد أمسى كُل مَحظور مَسموح، وأضحى الأدنى، يَتحيَّن الفرصة للنيل ممن سبقه في المهنة، وأعتقد أن ما تَشهدُه ملاعب ومدرجات ومسارح (السجال) بين عيّنة من العناوين الرياضية، عموماً، وفي مضمار كرة القدم خصوصاً، هي خير دليل على أن (عطباً) أصاب منظومة هذه اللعبة، وأن (خَطُباً) ما ضَربَ جدار العلاقة بين أهلها، وأن هذا الأمر هو أحد أسباب تدهور كرة القدم الوطنية.
الغاية والمُراد والمنشود مما أتينا عليه من سرد يكمن برغبتنا في أن تعود المثالية الواقعية لوسطنا الرياضي وأن نصحوا من جديد على عهد تليد عاود حضوره بيننا بعد أن تيقن الجميع أننا حلقات وإن تنوعت في طروحاتها وأفكارها، إلا أنها تبقى تُشكّل سلسلة واحدة يُكمل فيها بعضنا البعض وهذه الفاصلة هي من أسرار الفلاح والنجاح طالما تيقنا أن لكل منا دوراً يلعبه ومسؤولية تقع على عاتقه يُؤديها وفق تخصصات واعتماداً على معطيات نتفق عليها من أجل أن يُؤشر الآخرون على وسطنا بالإيجابية وينظرون إلى منظومتنا بعيون ملؤها الإعجاب والثناء وتعتريها الرغبة في أن تتأسى بقية المنظومات، بسلوكها الإيجابي.