اليزابيث كاتلت.. رائدة الفنّ الثوري للسود

ثقافة 2024/09/29
...

 سيدهارثا ميتر

 ترجمة: كريمة عبد النبي


تعد الفنانة الأميركية والمكسيكية إليزابيث كاتلت واحدة من الفنانات التي ركزت على تصوير التجربة الأميركية الأفريقية في القرن العشرين، وعلى الأخص تجربة الأنثى من خلال مجموعة من اللوحات والأعمال النحتية. 

تميزت أعمال كاتلت بالمزج بين الفنين التجريدي والتشخيصي وقادتها الزمالة التي حصلت عليها بالسفر إلى المكسيك للعمل مع ورشة الغرافيك الشعبيّ حيث أدى ذلك إلى تأثر فنها بتقاليد الفن المكسيكي. ويسلط المعرض الحالي لأعمال كاتلت والمقام على قاعة متحف بروكلين في مدينة نيويورك الضوء على أعمال هذه الفنانة التي لم تلق الشهرة في بداية حياتها الفنية.

خلال العام 1970 منعت السلطات الأميركية كاتلت من دخول الولايات المتحدة لاِلقاء كلمة في مؤتمر أقيم هناك من قبل حركة "الفهود السود"، إذ كانت كاتلت تشكل مصدر إلهام لهذه الحركة، لتلجأ إلى تقديم كلمتها عبر الهاتف بعد أن كانت الحكومة الأميركية قد جردتها من جنسيتها قبل ثماني سنوات من عقد هذا المؤتمر بسبب حصولها على الجنسية المكسيكية سنة 1962.

خلال وجودها في المكسيك، ألقت محاضراتها عن فن النحت على طلبة الجامعة الوطنية المستقلة في مدينة مكسيكو وعملت مع مجموعات نسويَّة تعنى بشؤون المرأة، كما كانت تستقبل الكثير من الزوار الأميركيين وتستلم عبر البريد، الصحف المهتمة بنشاط الأحزاب المعنية بشؤون ذوي البشرة السوداء في أميركا.

 وتميزت هذه الفترة بغزارة إنتاج هذه الفنانة من الأعمال النحتية ومن أبرزها عمل بعنوان "وحدة السود" أنجزته عام 1968 وهي تصور قبضة يد مصنوعة من الخشب الناعم المصقول واللامع على الجانب الأمامي منها وقناعين أفريقيين يشبهان الوجه على الجانب الآخر أو الخلفي. ومن الأعمال الأخرى عمل نحتي بعنوان "الهدف" سنة 1970 الذي أنجزته بعد مقتل أثنين من نشطاء حركة "الفهود السود" على يد شرطة مدينة شيكاغو ويصور هذا العمل رأس رجل أسود مؤطر بدائرة التهديف لمسدس.

يسلط معرض متحف بروكلين الضوء على حياة وأعمال هذه الفنانة والناشطة التي توفيت في منزلها وسط مدينة مكسيكو عام 2012 عن عمر ناهز السادسة والتسعين. ومن المؤمل أن ينتقل هذا المعرض إلى القاعة الوطنية للفنون في مدينة شيكاغو. ويتضمن المعرض مئة وستون عملا فنيا يحاكي معظمها أبرز قضايا المجتمع آنذاك.

ظهرت موهبة كاتلت خلال سن مبكرة وترأست قسم الفنون ضمن جامعة دايلارد في نيو أورليانز وهي لم تتجاوز العشرينيات من عمرها، كما عملت على تدريس فن النحت في مدرسة جورج واشنطن خلال أواسط أربعينيات القرن الماضي. ومع بداية أربعينيات القرن العشرين، شاركت كاتلت ضمن معارض فنية مشتركة مع مجموعة من الفنانين. عاشت حياتها بالاعتماد على منحة مقدمة من صندوق روزنوالد لدعم الفنانين والكتاب من ذوي البشرة السوداء.

ولدت كاتلت في واشنطن عام 1915 وهي حفيدة لعبدين محررين وابنة لأبوين يعملان ضمن مجال التعليم. تزوجت من الفنان تشارلز وايت لكنها أنفصلت عنه بعد فترة قصيرة لتتزوج من الرسام فرانسيسكو مورا الذي عاشت معه طوال حياتها وأنجبت منه ثلاثة أولاد أولهم سنة 1947 وقبل أسابيع من إقامة أول معرض شخصي لها وسط واشنطن العاصمة.

لم تقتصر أعمال كاتلت على فن النحت، بل أنجزت العديد من اللوحات بالألوان المائيّة. منحها المعرض الفني للسود في مدينة شيكاغو عام 1940 جائزة الأساطير والإرث عن عمل نحتي يمثل المرأة والطفل، كما حصلت على جائزة الانجاز مدى العمر من المركز الدولي للنحت المعاصر.

لم تندم كاتلت على اقامتها في المكسيك وعملت على تنشئة أولادها ليكونوا فنانين وموسيقيين وبقيت علاقة الحب والاحترام بينها وبين زوجها مورا لغاية وفاته عام 2002 وقد أوضحت ذلك من خلال بعض الوثائق التي عرضها متحف بروكلين.

في عام 1971، أي بعد عام على تقديم خطابها لمؤتمر حركة "الفهود السود" عبر الهاتف، سمحت لها الولايات المتحدة بالعودة إلى البلاد بفضل الجهود التي قام بها متحف مدينة هارلم الذي كان يستضيف معرض أعمالها الفنية والذي تنقل بين حوالي عشرة من كليات ذوي البشرة السوداء.


عن صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية