هل ستتحول لبنان إلى غزة؟.

آراء 2024/09/29
...

 د. أثير ناظم الجاسور.

 

لطالما سمعنا عن مفكرين وفلاسفة ومنظرين يتحدثون عن المواقف في المعارك المصيرية التي تُحدد مستويات الخذلان والمواقف الوسطية القريبة من الخيانة، وبغض النظر عن الانتماءات والميول والمتبنيات التي بالضرورة تُبين مضامين المُعتقد إلا أن الوقوف على الحياد في المعارك المصيرية خيانة، وهذا قد نستبعده لواقع الظرف والقدرات والاستطاعة كلها عوامل مجتمعة قد تجعل من الآخر أو البعض لا يمتلكون المقوم المساعد في تحديد موقفه بناء على الاسترجاع من المواقف والتحديات بالرغم من أن هذا أيضاً غير مبرر. 

 قبل أشهر غزة وليومنا هذا وهي تدمر بآلة القتل الصهيونية أبرياء بالجملة يفترشون أرواحهم متلحفين بقضيتهم التي لا تشغل أحداً غير أنفسهم، بالصورة والصوت يموت الفلسطينيون كل اليوم بفئات عمرية مختلفة فآلة القتل الصهيونية لا تميز بين طفل وامرأة وطاعن في السن، فهي مبرمجة على قتل كل ما يتحرك على أرض غزة، بالمقابل صمت أكبر حجماً من السلاح القاتل ،صمت أعطى إشارة واضحة للصهاينة وضوءاً أخضر بحجم الرقعة الخضراء العربية بشعار واضح اقتل ها نحن لك مؤيدون، مواقف مخجلة تتستر بحجج أكثر ريبه تُشير لانتماءات هذا الطرف أو ذاك بالضرورة هي مواقف تجعلنا في حيرة من أمرنا بدعوى أن من يقاتل في فلسطين مدعوم من خارج الحدود بأجندة غير عربية وكأن الأخيرة تمتلك أجندة عربية تدافع عن أرواح العرب.

اليوم لبنان تتعرض لقتل عنيف بعد أن استطاع الصهاينة دراسة وتفكيك السلوك العربي السياسي ( صناع القرار ) واستحكمت حلقات سيطرتهم عليها والأهم من ذلك عرفت أن أقصى ما يملكه العرب التنديد والدعاء، فما كان من لبنان إلا أن يؤطر بمسمى الحرب ضد اعتداءات حزب الله بعد أن فشل الصهاينة في النيل منه في الجبهات المباشرة والجبهات الموازية، الاعتداءات التي أخرجت الصهاينة كل ما لديهم من إجرام ما هي إلا دفاع عن أرض واعتداءات صهيونية القصد منها جرّ المنطقة لحرب مفتوحة تحرق الأخضر واليابس، الأهم من كل ذلك وبما أنها حرب فالجبهات كفيلة بالرد والرد المضاد أما الأبرياء ( المواطنون ) فهم خارج معادلة العنف، والتنديد والدعاء على العدو لا يكفي لإنقاذهم لأن العناية الإلهية وقدرتها العظيمة شيء والإرادة البشرية والإصرار على إيقاف كل ما هو خارج المنطق والعدل والأخلاق شيء آخر بالرغم من الأخيرات تُستمد من الأولى.

ما هي إلا أشهر وتنتقل الاعتداءات الصهيونية إلى كل شبر عربي تعتقد أنه يسبب لها الإزعاج أو لا يتلاءم مع سياساتها الحالية المتبعة، فلا ينفع مطبع ولا معارض ولا محايد مسلسل القتل مستمر وسيطال كل من يحاول مجرد المحاولة أن يتجاوز حدود التنديد والخطابة، فالداعم لهذا الكيان قوى كبرى تحت غطاء القوة العظمى التي باتت تعلم أن كيانها هذا هو من سيعبِّد لها الطريق لتحقيق مبتغاها التوسعي من خلال شرعنة مفاهيم وخوض حروب هي من أسس لها وساهم في تعزيزها.

فالمعركة المصيرية هي مع الكيان الغاصب وإذا كنت ترفض الأجندات والمشاريع التوسعية من هنا وهناك اطرح مشروعك وحافظ على لونك بعد أن يكون لك موقف ظاهر عادل أخلاقي أما الفرعيات التي تبحث فيها ما هي إلا عجز تام ونتائجه معروفة.