إمستردام: آمنة عبد النبي
فكرة سياحية معاصرة كان يحلم بها الملايين، وفانتازيا غرائبية تسويقية طرحت لسنوات حول الجبل الصناعيّ المفترض إنشاؤه، جاذباً ذكياً للسياح حينما تتمايل منحدراته الصخرية المطعمة بحقول العنب، ويتدرج على باطنه المتزلجين، غير آبهين لأطنان الاسمنت المبطنة، وتحيط بجوانبه المسطحات المخصصة لبناء الفنادق وملاعب التنس والمسابح، لا سيما انه يتوسط منطقة أقصى الغرب الأوروبي، وليس ببعيد كما مخطط أن يفتح قريحة عشاق العجائب الأوروبية وتبدل الوجهة باتجاه هذا الجبل الصناعيّ، باعتبار أن الرمزية مرهونة بالعشق الازلي لجبال الألب الأصلية وزوار ساعة بيغ بن وبرج إيفل وكاتدرائية الأسرار.
حرص ورأفة بيئية
المترجمة المُقيمة في امستردام بشرى الطائي، عبرت عن الفكرة من جانب بيئي حريص، قائلة: بعيداً عن الهوس بالغرائبيات كفكرة هي بالحقيقة طُرحت لسنوات كحلم وتحولت لما يشبه العقدة عند اغلب الهولنديين كونهم لا يملكون جبالاً، علماً أن هذا الجبل يحتاج من السمنت المسلح مليارات الاطنان، لكن المملكة رؤوفة جداً بالبيئة وتحرص كثيراً على قضية تحسين الطقس وإضفاء شيء من الأجواء الجبلية على المنطقة السهلية المبقعة بالبحيرات المائية، باعتبارها بقعة جنائنية وتخللها القنوات المائية، وبما أن الجبل المُفترض موقعه يتوسط المانيا وبلجيكا ولوكسمبورغ، فمن المكن جداً أن يؤثر إيجابا في طقس المنطقة بأكملها، أي على منطقة الراين المحاذية لهولندا، باعتبار أن الراين والأراضي المنخفضة تسحب الغيوم من البحر.
السياحةٌ نفطٌ دائم
الكوافير مصطفى الحمداني السائح القادم لزيارة امستردام من مدينة دوسلدورف، اعتبر من جانبه أن الزراعة والصناعة والاثار والسياحة في أوروبا ككل وليست هولندا فقط، هي نفط دائم، لأن العقليات التي تدير الاقتصاد تسعى دائماً لإدخال أكبر قدر من التمويل للبلاد، وبعيداً عن كون الفكرة خيالية، لكن تخيلوا جبلا صناعيا عملاقا تكسوه الثلوج، وتحيطه المنتجعات المذهبة، ويتسع لمختلف أنواع الرياضة، فضلا عن السياحة والتجوال والتصييف والفنادق، سيضاهي اكبر الجُزر السياحية، لا سيما حينما يتم كساء مسطحاته السهلية بتراب حقيقي وتطعيمها بالأشجار والأزهار وتحويله إلى غابة ومروج خلابة.
تلوثٌ جويٌّ متوقع
بينما كان الشيف في أحد مطاعم امستردام رائد حسين أقل تفاؤلاً تجاه تنفيذ الفكرة الخيالية كما وصفها، حيث قال: أعتقد أن المشروع أمامه عقبات كثيرة ليس من السهولة تذليلها، باعتبار أن صناعة الإسمنت مسؤولة عن انبعاث خمسة بالمئة من مجموع غاز ثاني أكسيد الكربون على المستوى الأممي، وهو رقم هائل حسب تقدير الخبراء ولن تتساهل به الامم
المتحدة.
لكن بكل الاحوال نحنُ نعضد أي فكرة تضيف الحياة، فالصيف في بلادنا يجبرنا أن نُلغي كل مقترحات قضاء الفكانسي خارج المملكة، حيث يعم الصخب الجميل في الأمكنة والمساحات الخضراء المفتوحة تفتح أحضانها لأن أبسط نزهة هنا هي فرصة لا تعوض، كالتجول مثلاً لمشاهدة الأشجار والحيوانات التي تعيش بالقرب منها، وباعتبارها مكاناً مثالياً لقضاء عطلة عائلية بعيداً عن الازدحام، وخصوصاً ممارسة هواية صيد الاسماك في البحيرات، وكذلك قضاء بعض الوقت بالتشمّس أو الاستمتاع برحلة على متن قارب أو القيام بنزهة لطيفة، ثم تناول الغداء مع العائلة تحت نسمات الهواء النقيّ.
