رثاءٌ وثباتٌ على طريق نصر الله

آراء 2024/10/02
...

  ناجي الغزي

في حضرة قائدٍ قلَّ أن يجود الزمان بمثله، نحني جباهنا احتراماً وتقديراً، نحمل أقلامنا ونخط بها كلماتٍ عاجزة عن التعبير عمّا يختلج في صدورنا من ألم الفراق وفخر الشهادة. هنا عند عتبات التضحية والفداء، نكتب لسيد المقاومة الشهيد السعيد السيد حسن نصر الله، الذي قاد أمته بشجاعة لا تعرف التراجع وإيمان لا ينضب.
في رحيلك يا نصر الله، تتجلى قسوة الفقد وعمق الحزن، ولكن في طيات هذا الوداع تنبثق شعلة جديدة من المقاومة، تحمل في داخلها عهدًا لا ينقطع، وراية لا تسقط. رحلت بجسدك، ولكن روحك المتوقدة التي ألهمت الأمة ستبقى خالدة في كل ميدان وفي كل قلب ينبض بالعزيمة. لقد كنت الأب الذي يحنو على المحرومين، والمرشد الذي يرسم خارطة الأمل في لحظات اليأس. كنت سيد المقاومة ذلك الرجل الذي وقف بصلابة أمام عواصف الزمن وأعاصير الأعداء، وصنع تاريخاً لن يمحوه الزمن.
ولكن مع هذا الرحيل فإن الراية لا تُترك في الفراغ. وفي تلك اللحظة المهيبة يظهر السيد هاشم صفي الدين، خليفتك الذي ورث عنك الثبات والشجاعة. وهو الذي كان بجانبك في مسيرة النضال، واليوم يواصل حمل إرثك العظيم. إنه القائد الذي سيقف في وجه العدو الإسرائيلي بكل ما تعلمه منك، بكل ما ورثه من صلابة وصبر. في شخصه نرى مستقبل المقاومة، ونشعر بالثقة بأن الثأر لكل الشهداء ولدمائكم الطاهرة، سيأخذ دون تهاون.
نرى اليوم السيد صفي الدين لا يحمل راية حزب الله فقط، بل يحمل وعدك الذي لا يزول، وعد النصر الذي طالما سمعناه منك. هو الذي سيسير على خطاك، وسيثبت للعدو الإسرائيلي أن دماء القادة ليست نهاية المقاومة، بل هي بداية لمرحلة جديدة من الصمود والنصر. خلف كل دمعة تذرف على فراقك، هناك عيونٌ تتطلع نحو السيد صفي الدين، ذلك الرجل الذي سيكمل المسيرة ويؤكد أن النصر ليس حلماً بل حقيقة قادمة.
لقد قلت يومًا يا سيد المقاومة إن "النصر آتٍ لا محالة" واليوم نعلم أن السيد هاشم صفي الدين هو من سيحول هذا القول إلى واقع. فيك كنا نرى القوة التي لا تهزم، وفيه نرى الامتداد الطبيعي لتلك القوة. هو من سيقود حزب الله بثبات ويواجه العدو الإسرائيلي بردّ حاسم على كل قطرة دم سفكها، ليعلم العدو أن طريق المقاومة مستمر وأن الراية لم ولن تسقط.
فاليوم وإن كنا نفتقدك يا سيد المقاومة، فإننا نضع ثقتنا في سيد آخر، سيدٌ عاهد الله والوطن على أن يظل الحصن المنيع في وجه الغزاة، وأن يُكمل ما بدأته من صمود وتضحية. نم قرير العين يا أبا هادي، فالمقاومة بين أيدٍ أمينة، وستظل مشتعلة حتى يتحقق وعدك، وحتى يُهزم العدو ويُأخذ الثأر لكل الشهداء.