تقنيَّة «بصمة القلب».. سرُّ السلاح الجديد

علوم وتكنلوجيا 2024/10/07
...

 برلين: عامر الموسوي

طور باحثون أميركيون تقنياتٍ جديدةٍ ومبتكرةٍ لتعقب الأشخاص، وهذه المرة من خلال نبضات القلب التي لا يمكن للإنسان إخفاؤها والتي تختلفُ من شخصٍ لآخر، فمن خلال هذه الميزة تمكن خبراء أميركيون من بناء نموذجٍ أولي لنظام لـ(Jetson) القادر على التقاط توقيع قلبي فريد من نوعه حتى من مسافة 200 مترٍ أو أكثر، وحتى من خلال الملابس.إنَّ قلب كل شخصٍ يختلف عن الآخر. ومثل القزحية أو بصمة الإصبع، يمكن استخدام توقيع القلب الفريد كوسيلة للتمييز بيننا. والأمر الحاسم هو أنه يمكن القيام بذلك عن بعد.

هذه النقطة الأخيرة هي التي أثارت اهتمام القوات الخاصة الأميركيَّة، محاولة إضافتها على وسائل تعقب أخرى تشمل التقنيات البيومتريَّة بعيدة المدى الأخرى مثل تحليل المشية، التي تحدد هويَّة الشخص من خلال طريقة مشيه. وكانت القوات الأميركيَّة قد استخدمت هذه الطريقة لتحديد هويَّة الإرهابيين من تنظيم داعش الإرهابي قبل توجيه ضربات بطائرة بدون طيار. لكنَّ المشية، مثل الوجوه، ليست بالضرورة مميزة بشكلٍ قاطعٍ. ومع ذلك، فإنَّ التوقيع القلبي للفرد فريدٌ من نوعه، وعلى عكس الوجوه أو المشية، فإنه يظل ثابتًا ولا يمكن تغييره أو إخفاؤه من قبل الشخص إطلاقاً وهذه هي ميزة الاستخدام الأكثر جدلاً في الحرب في لبنان.


الكشف عن بعد

يمكن لجهازٍ جديدٍ تمَّ تطويره لصالح البنتاغون بعد أنْ طلبته القوات الخاصة الأميركيَّة، تحديد هوية الأشخاص من دون رؤية وجوههم: بدلاً من ذلك، يكتشف من خلال توقيعهم القلبي الفريد باستخدام ليزر الأشعة تحت الحمراء. وبينما يعمل على مسافة 200 متر، يمكن أنْ يكون من الممكن الوصول إلى مسافات أطول باستخدام ليزر أفضل.

«لا أريد أن أقول إنه يمكنك القيام بذلك من الفضاء»، كما يقول ستيوارد رمالي Steward Remaly، من مكتب الدعم الفني لمكافحة الإرهاب التابع للبنتاغون: “لكنْ يجب أنْ يكون المدى الأطول ممكنًا”. وهي فرضية عمل على تطوير مداها البنتاغون لأهميتها في الحروب الحديثة. وربما استخدم الكيان الصهيوني هذه التقنية الحديثة، كما بدا واضحاً من سلسلة الاستهدافات التي تلقاها حزب الله مباشرة والتي أدت الى استشهاد قيادات الخط الأول والثاني.

ومثال على ذلك إعلان جيش الاحتلال الإسرائيلي عن (قتل) القيادي بالحزب علي كركري قائد منطقة الجنوب بالحزب، بالرغم من أنَّه لا يملك أية صورة شخصيَّة لهذا القيادي المهم بالحزب، وربما أنَّ تقنية بصمة القلب كانت حاسمة بالاستهداف والتأكد قبل نعيه من قبل الحزب ببيانٍ صدر بعد أيام من العمليَّة.

إنَّ الطريقة الأكثر شيوعًا للتحقق من الشخصية والتعرف البيومتري عن بعد هي التعرف على الوجه (Face ID). لكن هذا يتطلب رؤية أماميَّة جيدة للوجه، والتي قد يكون من الصعب الحصول عليها، وخاصة من طائرة بدون طيار. قد يختلط التعرف على الوجه أيضًا باللحى أو النظارات الشمسيَّة أو الحجاب ولا يأتي بنتائج حاسمة. وقد نجحت الاستخبارات الصهيوني بتوجيه ضربة مباشرة ضد الأمين العام للجماعة الإسلامية في لبنان محمد طقموش يوم 30 أيلول 2024 من خلال صاروخٍ موجهٍ بتقنية التعرف على وجهه اخترق شقته في منطقة الكولا في بيروت وأصابه بوجهه مباشرة بسبب أنَّ وجهه كان واضحاً على الأغلب لطائرات الاستطلاع الإسرائيلية من خلال شقته بالطابق

 الخامس.

تحديد الهوية الأمنية

تُستخدم التوقيعات القلبيَّة بالفعل لتحديد الهويَّة الأمنيَّة. فقد طورت الشركة الكنديةNymi) ) مستشعر نبض يلبس على المعصم كبديلٍ لتحديد بصمات الأصابع. وقد تمَّ اختبار هذه التكنولوجيا من قبل جمعيَّة “هاليفاكس” للبناء في المملكة المتحدة.

يوسع نظام “جيتسون” هذا النهج من خلال تكييف جهازٍ جاهزٍ للاستخدام يستخدم عادة للتحقق من الاهتزاز من مسافة بعيدة في هياكل مثل توربينات الرياح. بالنسبة لجيتسون، تمت إضافة محورٍ خاصٍ بحيث يمكن الاحتفاظ بنقطة ليزر غير مرئيَّة بحجمٍ صغيرٍ جداً على الهدف. يستغرق الأمر نحو 30 ثانية للحصول على ردٍ انعكاسي جيدٍ والتعرف على الشخص من خلال نبضات قلبه التي لا يمكن تغييرها، لذلك في الوقت الحاضر يكون الجهاز فعالاً وبنتائج جيدة فقط حيث يكون الشخص جالسًا أو واقفًا.


خوارزميات توقيع القلب

قام مطورون من فريق ريمالي من مكتب الدعم الفني لمكافحة الإرهاب التابع لوزارة الدفاع الأميركيَّة للبنتاغون بكتابة خوارزميات قادرة على استخراج توقيع القلب من إشارات الليزر يٌمّكن نظام جيتسون من تحقيق دقة بواقع يزيد على 95 ٪ في ظل ظروفٍ جيدة، وقد يتمّ تحسين ذلك بشكلٍ أكبر مستقبلياً. من الناحية العمليَّة، من المرجح أنْ يتمَّ استخدام جيتسون جنبًا إلى جنب مع وسائل التعرف على الوجه أو طرق التعريف الأخرى. أي أنَّه وسيلة جديدة أخرى تضاف للوسائل الأخرى المتوفرة والمستخدمة بالجانب العسكري ومنذ سنوات. وقد قام البروفيسور ويناو شو Wenyao Xu من قسم الحاسبات بجامعة ولاية نيويورك في بافالو بتطوير جهاز استشعارٍ للقلب عن بعد، على الرغم من أنَّه يعملُ فقط على مسافة تصل إلى 20 متراً ويستخدم الرادار. ويعتقد أنَّ النهج القلبي أكثر قوة من التعرف على الوجه. ويقول: «مقارنة بالوجه، فإنَّ القياسات الحيويَّة للقلب أكثر استقرارًا ويمكن أنْ تصل إلى أكثر من 98 ٪ من الدقة».يعتقد مطورو هذا النظام بأنه في الأمد البعيد، يمكن لهذه التكنولوجيا أن تجد العديد من الاستخدامات الأخرى. على سبيل المثال، يمكن للطبيب مسح عدم انتظام ضربات القلب وغيرها من الحالات عن بعد، أو يمكن للمستشفيات مراقبة حالة المرضى من دون الحاجة إلى توصيلهم بأجهزة.