المنصات الإلكترونيَّة.. بوابات العالم التعليميَّة
فجر محمد
تصوير: احمد جبارة
لم يعد الصف الدراسي هو البيئة التعليمية الوحيدة، بل دخل عنصر آخر مهم، له جمهوره ومتابعوه وهو المنصة الإلكترونية، وهناك عدد لا يستهان به من الطلبة يفضلون المنصة للتعليم وفهم المواد والمناهج العلمية بحسب وجهة نظر سارة ضياء الطالبة في السادس الإعدادي، إذ تتابع إحدى المنصات التعليمية الإلكترونية، وتقول وهي منهمكة بتصفح نوافذ تلك المنصة: "توفر لي هذه المواقع الإلكترونية، كماً هائلاً من المعلومات، خصوصاً عندما أجد الدروس العلمية التي أبحث عنها، فهي تعزز ما لدي من معلومات، خصوصاً تلك التي أتلقاها وأتعلمها من المدرسة". وتقضي سارة 3 ساعات يومياً برفقة كومبيوترها الشخصي، وهي تتجول في العالم الافتراضي والبيئة التعليمية الجديدة التي أنتجتها التكنولوجيا الحديثة.
يرى الأكاديمي في كلية الرافدين، الدكتور سامر سعيد أن المنصات التعليمية الإلكترونية المتوفرة على شبكة الإنترنت بمقدورها أن تنمي وتطور المهارات والمواهب التي يمتلكها الطلاب، وهذا بالتأكيد يأتي جنباً إلى جنب مع التعليم التقليدي، أي التواجد الحضوري في الصفوف الدراسية، ولأن المنصات تحتوي على أدوات وتقنيات متعددة من شأنها أن تحفز الطالب، لذلك فهي تعد مساحة أخرى تنمي موهبته ومعرفته بشكل كبير.
ويؤكد سعيد أهمية الصفوف الحضورية، التي تمنح الطالب مساحة النقاش وتبادل المعلومات والتفاعل المباشر مع الأستاذ والطلاب، وبالتالي ترسخ المعلومة في ذاكرته، لكن تلك التقنيات الحديثة من الممكن أن تكون عاملاً مساعداً للطالب، وتزيد من معلوماته ومواهبه وتصقلها بشكل كبير.لافتاً إلى أن هناك منصات متنوعة بامكان أي فرد التعلم منها والاشتراك في ورش عملها، من دون الحضور الفعلي وهي تقدم معلومات مفيدة ورصينة في الوقت ذاته، وفي أحيان أخرى تقدم شهادات توثق اشتراك الفرد بتلك الدورات والورش التعليمية التي أخذها.
مهارات وتقنيات
أطلقت وزارة التربية في نيسان المنصرم، مشروعاً مهماً وواعداً، وهو المدرسة الإلكترونية، وهو يعد من الاستراتيجيات المهمة والواضحة نحو التحول الإلكتروني، التي تسعى إلى تطبيقها الوزارة، فهي توفر التعليم عن بعد، فضلاً عن تنمية المهارات التقنية والمعرفية للطلبة، ووفقاً لتصريح سابق لوزير التربية ابراهيم نامس الجبوري فإن هذا المشروع له أهداف مهمة منها رفع الوعي الدراسي والمعرفي لطلبة الخارج، فضلاً عن أنه يقدم الفرصة المناسبة للتعليم، وخصوصاً لأولئك الذين لم يحالفهم الحظ في إكمال مسيرتهم العلمية والدراسية. ومن جهته بين المتحدث الرسمي باسم الوزارة، كريم السيد، أن هذا المشروع يتمتع بالرصانة العلمية ويخاطب شريحة الطلاب، ويقدم لهم خدمة علمية متميزة ورسمية، لأنه يوفر بيئة موازية لتلك التي يحصل عليها الطالب في الصف المدرسي والحضوري، كما أن هذه المدرسة تترجم النجاح الذي حصل في الدراسة الالكترونية التي اعتمدت في الفترة المنصرمة. ويرى الباحثون أن أهمية هذا المشروع تأتي بالتزامن مع التحول الإلكتروني والتكنولوجي، الذي تشهده البلاد في الوقت الراهن.
استثمار الوقت
لم تعد المنصات الإلكترونية وجهة مفضلة للطلاب فقط، بل يفضلها الأساتذة أيضاً، لأنها توفر لهم الوقت وتسمح بالتركيز على الموضوعات التي ربما لم يفهمها الطالب بشكل جيد داخل الصف الدراسي، وتوضح مدرسة مادة الاجتماعيات رشا حميد أن طالباتها يفضلن المنصة الإلكترونية، التي أنشئت على أحد مواقع التواصل الاجتماعي، إذ يطرحن الأسئلة والاستفسارات والمعلومات التي لم يتسن لهن فهمها داخل الدرس أحياناً. مشيرة إلى أن تلك المنصات بإمكانها أن تساعد الطالب والمعلم على استثمار الوقت والجهد، فضلاً عن تلقي المعلومة وفهمها بشكل مبسط وواضح.
إن توفير الدروس الإلكترونية مع الشرح والإيضاح، هو فرصة مهمة وخدمة علمية متميزة وفقاً لتعبير المدرسة شيماء مالك، إذ تعتقد أن المنصات التعليمية الإلكترونية باب مهم وفرصة لا تعوض للطلبة كي يدرسوا ويتعرفوا من خلالها على الاختصاصات العلمية المختلفة، وتقول شيماء: "هناك منصات متنوعة، بإمكان الطالب التعرف عليها واعتماد المعلومات العلمية الرصينة التي تقدمها، فعلى سبيل المثال توجد منصة نيوتن التي تقدم دروساً وإيضاحات مفيدة، إذ تعرض دروساً مسجلة يقوم بتقديمها أفضل الأساتذة لذلك يستطيع الطالب من خلالها أن يفهم الدروس العلمية دون أي صعوبات تذكر، فضلاً عن المنصات الأخرى التي تقدم المعلومات المهمة للطلاب.
وسائل تطويريَّة
يجد المراقب للمنصات التعليمية الإلكترونية أن بدايات ظهورها كانت في أوروبا وأميركا، ومنذ سنوات عديدة ومن أفضل نتائجها وتطبيقاتها العملية هي صفوف التعليم المفتوح، الذي يمتاز بعدم اعتماده على الزمان والمكان، ويرى الخبراء والمتابعون أن هناك سعياً مستمراً من قبل الجهات التربوية لتطوير وتحديث تلك التقنيات وجعلها بمثابة بيئة تفاعلية، يتم تبادل الخبرات والآراء فيها من قبل المشاركين.
وبحسب التقارير فإن تلك المنصات التعليمية زادت أهميتها في الأعوام القليلة المنصرمة، خصوصاً مع ظهور جائحة كورونا التي أجبرت الطلبة والعالم أجمع على الحجر، وعدم مغادرة المنازل وغلق المدارس بالتالي أصبحت تلك المنصات وسيلة الطالب والمعلم في آن واحد، من أجل إكمال المسيرة العلمية. ومن التعريفات المهمة التي توضح أهمية تلك المنصات، ما جاء به الباحث حامد حجازي بأنها منظومة برمجية تعليمية تفاعلية متكاملة متعددة المصادر على شبكة الانترنت لتقديم المقررات الدراسية، والبرامج التعليمية والأنشطة التربوية ومصادر التعليم الإلكتروني لجميع الأفراد في أي وقت وأي مكان، بشكل متزامن أو غير متزامن وذلك باستخدام أدوات تكنولوجيا التعليم والمعلومات والاتصالات التفاعلية، بصورة تمكن المعلم من تقويم المتعلم. كما يبين الخبراء أن التعليم لا يقتصر على المناهج الدراسية فقط، بل هناك دورات تعليمية وتدريبية وتطويرية، تدخل ضمن مجالات متنوعة على سبيل المثال طرق وآليات التسويق الناجحة، يضاف إلى ذلك هناك دورات تعنى بتطوير المهارات الشخصية، فضلاً عن وجود ورش عمل صحفية وطبية وقانونية وعلمية ومختلف التخصصات والمجالات التي يمكن لإي فرد أن يطلع عليها ويتثقف بها. وفي تعريفات أخرى للمنصات الإلكترونية فهي نظام رقمي يتيح للأفراد أو الشركات التفاعل والتعامل عبر الإنترنت. تقدم هذه المنصات مجموعة متنوعة من الخدمات والتطبيقات التي بإمكان الأفراد استخدامها عبر الإنترنت أو التطبيقات الذكية. وهي متعددة الأشكال، منها منصات التواصل الاجتماعي والمتاجر الإلكترونية والتعليم عن بعد، والخدمات المصرفية عبر الإنترنت. وفي كثير من الأحيان تكون المنصة موجهة لفئة أو جمهور محدد، لا سيما تلك التي تقدم خدماتها للطلبة.
التعليم الذاتي
صور ورسوم وفيديوهات تعليمية تقدم لك معلومات كافية ووافية عن أي موضوع علمي يشغل بالك، فضلاً عن القدرة على التفاعل وتبادل الرأي مع طلبة وأساتذة آخرين، بهذه العبارات يصف الطالب مجد حيدر المنصات الإلكترونية ويتابع قائلاً:"منحتني المنصات الإلكترونية الفرصة للتعرف على التخصصات العلمية المختلفة، فضلاً عن توفير شروحات كاملة عن تلك المواد العلمية، إذ عمقت فهمي بشكل أكبر لما يطرح من المعلومات داخل المناهج الدراسية التي أخذتها في المدرسة". ويوضح حيدر أن هناك دروساً مكتوبة يمكن أن يجدها على تلك المنصات، بشكل منظم وواضح وحتى تلك المناهج المعقدة يجد الشرح والتفسير لها.