عبد الهادي مهودر
يسموننا العالم الثالث وهو مصطلح سياسي واقتصادي مهين، وتمسّكنا عن رضا وعجز وطيب خاطر بالترتيب الثالث بعد الدول الصناعية، أطلقوا علينا مجموعة الدول النامية التي تستهلك كل شيء ،لم يطلقوا علينا رصاصة الرحمة وتركونا نأكل ونشرب وننام، وكان علينا أن ننتج بدل أن نلعن المنتجين الذين لم يصنّعوا منتجاتهم لسواد عيوننا بل ليمتلكوا القوة والمعرفة والهيمنة الاقتصادية والثقافية وليتمكنوا من تحصين أنفسهم وعبور الأزمات والصراعات بأقل الخسائر، بينما نحن المستهلكين نكتشف متأخرين جهلنا بأسرار المنتجات المدنية والعسكرية الغربية وهي مصدر قوة وسلاح في المعركة، ومن بين التصورات والاكتشافات المتأخرة أن جهاز الموبايل هو بمثابة جهاز تعقّب يحدد مكانك وتنظر في وجهه أكثر مما تنظر في وجوه عيالك، واكتشفنا، متأخرين ايضاً، أن الشركات المالكة لمواقع التواصل الاجتماعي تعمل وفق سياسة خاصة وهي مثل أية وسيلة إعلام مسيّسة ومثل أي رقيب يقمع رأيك ويحذف منشورك ويمسحك من العالم الافتراضي لمجرد اختلافك معه في وجهة النظر والموقف، واكتشفنا متأخرين أن أفراد الحماية وأصحاب العضلات المفتولة وجودهم وعدمه واحد، ولا حافظ إلا الله الحافظ، واكتشفنا متأخرين جداً أننا لم نستثمر خيراتنا المستخرجة من باطن الأرض لنرتقي إلى مستوى العالم الثاني والأول ولنحمي أنفسنا بما صنعت أيدينا، وهي النصيحة المليون التي لم نأخذ بها، واكتشفنا متأخرين أن قوى العالم المتحكمة لاتسمح باِمتلاك التكنولوجيا إلا بحدود ولاتمنحك مايؤهلك لتكون أقوى وأعطونا- مشكورين- حق تعريب مفردات الصناعات الاجنبية.