محمد علي الحيدري
في الأيام الأخيرة من الحملات الانتخابية للرئاسة الأميركية، يسعى المرشحان المتنافسان الديمقراطية كامالا هاريس والجمهوري دونالد ترامب، إلى إقناع الناخبين من الأقليات والمترددين وخاصة في الولايات المتأرجحة، كمشيغان ووسكونسن وبنسلفانيا وغيرها، بالتصويت لصالحهما وصالح مرشحي حزبيهما، لكل من مجلسي الشيوخ والنواب في انتخابات تشرين الثاني نوفمبر المقبل.
وبما أن معظم استطلاعات الرأي الأخيرة تؤكد أن التنافس شديد بين المرشحين مع تقدم طفيف لأحدهما هنا أو هناك، فإن حملتيهما تنفذ محاولات أخيرة لاستمالة هذه الفئات وحثها على التوجه لصناديق الاقتراع والتصويت.
وبسبب هذا التقارب في فرص الفوز فإن أصوات هؤلاء الناخبين، تبدو مهمة جدا في تغيير كفة الميزان لصالح هاريس أو ترامب اللذين أنفقا أموالاً طائلة على حملتيهما.
وبحسب آخر تقارير الإنفاق على الحملات الانتخابية فإن هاريس أنفقت مئتين وثلاثة وستين مليون دولار على دعاياتها الانتخابية منذ مؤتمر الحزب الديمقراطي وحتى الرابع من تشرين الأول الجاري، بينما أنفق ترامب مئة وتسعة ملايين دولار وهي مبالغ كبيرة ولا ريب.
وفي إطار هذا الجهد الانتخابي لاستمالة بعض الأقليات التقت هاريس عددا من ممثلي المسلمين والعرب الأميركيين المعارضين للإبادة الجماعية، التي ترتكبها إسرائيل في قطاع غزة والغاضبين أيضا من هجماتها القاسية والمدمرة على لبنان.
وبحسب تقرير لصحيفة "واشنطن بوست" فإن نائبة الرئيس هاريس التقت في ولاية ميشيغان أعضاء منظمة "إمغيج" الأميركية المدافعة عن حقوق الجالية المسلمة، ومسؤولين من "فريق العمل الأميركي من أجل لبنان" و"هالة حجازي" المؤيدة للحزب الديمقراطي، والتي فقدت العديد من أفراد عائلتها في الإبادة التي ترتكبها إسرائيل في قطاع غزة. ووفق بيان للمنظمة فإن أعضاءها طالبوا هاريس بإنهاء الحرب في لبنان وغزة، حال انتخابها لمنصب الرئاسة، وبذل قصارى جهدها "لإعادة ضبط" السياسة الأميركية في المنطقة، لكنها بدت "حذرة" في ردها، الذي استخدمت فيه عبارات عامة تتبناها إدارة الرئيس بايدن حول ضرورة وقف إطلاق النار وعودة المختطفين لدى حماس وعدم توسيع رقعة النزاع المسلح ومعالجة الوضع الإنساني للفلسطينيين.
وبحسب البيان ذاته، فقد أعرب أعضاء المنظمة عن خيبة أمل الجالية المسلمة من طريقة تعامل الولايات المتحدة مع الأزمة التي تصاعدت وتحولت إلى حرب إقليمية أوسع. بدورها ذكرت حملة هاريس الانتخابية أن مرشحة الحزب الديمقراطي عبرت عن "قلقها من حجم المعاناة في غزة" وتحدثت خلال اللقاء عن جهودها لإنهاء الحرب في غزة وهي جهود لم تحقق شيئاً حسب أعضاء في المنظمة.
ولم يتضح بعد ما إذا كانت هاريس استعادت ثقة بعض الفئات الناخبة التي شعرت بالإحباط من السياسات الحالية، بما في ذلك ناخبو الجاليات العربية والمسلمة، الذين أيد بعض قادتها دعم انتخابها لرئاسة الولايات
المتحدة الأميركية. وسبق لحملة هاريس أن عينت "بريندا عبد العال" المحامية الأميركية، المصرية الأصل، كمستشارة للشؤون العربية بالحملة، والتي أكدت بدورها ــ في تصريحات خاصة للأهرام ــ أن هاريس التقت بالفعل أفرادا من الجالية الفلسطينية الأميركية، الذين فقدوا أقاربهم في غزة، حيث حرصت على الاستماع إلى معاناتهم وتفاصيل تجاربهم المباشرة. وأضافت بريندا عبد العال أن هاريس لا تكتفي فقط باللقاءات الشكلية، بل تتابع عن كثب جهود التواصل مع مختلف قادة الجالية العربية والإسلامية في الولايات المتحدة.
ولم يفت عن بريندا القول إن "كل صوت له أهمية قصوى في هذه الانتخابات الحاسمة، وإن الجالية العربية الأميركية ليست كتلة واحدة متجانسة، بل هي جالية متنوعة بآرائها وأولوياتها، ولهذا تعمل الحملة على وضع استراتيجية للتواصل معها".
ومع اتهام الأوساط السياسية الأميركية الرئيس السابق دونالد ترامب باعتماد خطاب انتخابي يزرع "التمييز" ويشجع على "الانقسام" من خلال هجومه العنيف على المهاجرين للولايات المتحدة، فإن عددا من ممثلي العرب والمسلمين الأميركيين تحدثوا عن أهمية عدم منح الأصوات للمرشح الجمهوري، الذي حض من جهته الناخبين اليهود على التصويت لصالحه، من أجل ضمان بقاء إسرائيل قوية ومصانة في الشرق الأوسط، كما حثوا الناخبين العرب على مقاطعة ترشيح الرئيس بايدن قبل انسحابه، ثم تحفظوا بعد ذلك من ترشيح هاريس، باعتبارها تتحمل مسؤولية كبيرة من خلال موقعها كنائبة للرئيس عن السياسات الأميركية الداعمة لإسرائيل أمنيا وعسكريا وسياسيا، كما أن هذه الأقلية تنتقد بشدة ضعف الضغط الأميركي على إسرائيل من أجل إنهاء هذه الحرب.
من جانبه لا يبدي المرشح الجمهوري دونالد ترامب "شهية" لعقد لقاءات تفصيلية عامة مع العرب والمسلمين الأميركيين، ربما لاعتقاده بأن الصفقة لن تكون مربحة أو ناجحة.