هستيريا صهيونية

قضايا عربية ودولية 2024/10/15
...

علي حسن الفواز



يكشف التورّط الدولي في العدوان الصهيوني على غزّة وبيروت عن تداعيات خطيرة، وعن سياسات تفقد معه الدول الكبرى توازن مسؤولياتها الدولية، وأنَّ انحيازها العلني يؤكد واقعاً ذلك التورط، والتماهي مع معطياته في خلط الأوراق، وفي توسيع مساحة الصراع، وبالتالي تهديد مصالح المجتمع الدولي.

قيام الولايات المتحدة الأميركية بنشر نظام الدفاع الجوي "ثاد" في الكيان الصهيوني يؤشر مدى التدخل الأميركي في "الصراع" وتحت يافطة مكشوفة لحماية هذا الكيان من الهجمات الصاروخية الإيرانية، أو من صواريخ المقاومة، وكأنه يجعل سياسة التحصين جزءاً من لعبة المواجهة والانحياز، وربما تبرير الدخول المباشر في الحرب، لاسيما أنَّ الأساطيل الأميركية والبوارج الأوروبية في الشرق الأوسط وفي الخليج تدرك خطورة التورط، وفتح الجبهات الذي بات يشكل ضغطاً كبيراً وحقيقياً على الكيان الصهيوني.

منظومة "ثاد" للدفاع الجوي المتطوّر تؤدي وظائف أمنية وسياسية، فبقدر ما يكون الأمني جاهزاً في تشكيل القبة الحديدية الدفاعية للكيان، فإنَّ السياسي سيكون دافعاً لتعزيز خيار الدفاع عن إجراءات الصهاينة في عدوانهم، وفي قتلهم للمدنيين وخرقهم للقانون الدولي، وحتى في اعتدائهم على القوات الدولية "اليونيفيل" في جنوب لبنان، وهذا ما يدعو إلى وضع حسابات "الحرب الشاملة" أمام الجميع، لأنها ستكون حرب الجميع على الجميع، لاسيما أنَّ منطقتنا العربية ساخنة، وربما هي غابة أسلحة، تملك فيها كثير من الدول قدرات كبيرة على ممارسة الردع، وتغيير معادلة الصراع في المنطقة. المجاهرة الأميركية بدعم الكيان الصهيوني، وتصريحات مسؤوليه بأنهم سيدافعون عن أمن هذا الكيان تضعان علامات استفهام حول أهلية الدور الأميركي في حماية المجتمع الدولي، وفي الإسناد الغامض للصراعات المفتوحة في أوكرانيا، وفي بعض الدول الأفريقية، وفي حربها التجارية على الصين، وحرب العقوبات على إيران، وهذا ما يتطلب إعادة النظر بكثير من تلك المواقف، والعمل على إعادة النظر بسياساتها، وبفرط ما تعمد إليه من سياسات عدوانية، تواصل من خلالها تزويد الكيان الصهيوني بأسلحة فائقة الخطورة، وربما محرّمة دولياً، وهو ما فعلته حكومة "نتانياهو" في عدوانها على الضاحية الجنوبية في بيروت.

الإصرار على تزويد الكيان بهذه الأسلحة يُعطي انطباعاً عن إمكانية الاستعداد لقصف المدن الإيرانية، ووضع المنطقة أمام ردٍّ قد يكون غير تقليدي للإيرانيين، وهذا ما يدفع إلى تحويل الصراع إلى اتجاه كارثي، سيجعل الكيان الصهيوني إزاء معادلات عسكرية وأمنية معقدة، لا يتحملها، وهو ما سيدفع إلى الانخراط الدولي في حرب شاملة من الصعب السيطرة على تداعياتها ونهايتها.