زيد الحلي
مع إطلالة العام 1969 وجدتُ نفسي، ضمن هيئة تحرير جريدة (الحرية) البغدادية العريقة مع زملاء أحبة، تسكنهم الطيبة والمهنية منهم: سجاد الغازي، إبراهيم إسماعيل، لطفي الخياط وصبيح الغافقي …ويقع الاختيار عليّ لأكون مشرفا على الصفحة الأخيرة .
استحدثتُ في الصفحة زاوية يومية بعنوان (النافذة الحرة) يطل منها على القراء يوميا أحد الأدباء.. وفي أحد الأيام نشرت عمودا كتبه الصديق القاص (عبد الرحمن مجيد الربيعي) بعنوان (درس من كوبا) كان قد جلبه عصرا، بخطه البديع؛ ومعه خبر عن صدور رواية لـ (عبد الستار ناصر) تحمل عنوان (الرغبة في وقت متأخر).. وقد حصلتُ على الرواية لاحقا، وقرأتها بشغف وكتبت عرضا عنها؛ ومما أشرتُ إليه في ذلك العرض قولي (إن عبد الستار ناصر زلزال قصصي عراقي ..فحاذروا منه) وقد لامني العديد من الأدباء والزملاء على هذا القول، معتبرين إن فيه مبالغة بعض الشيء..
لكن، في لاحق الأيام، بدأ عبد الستار ناصر في تثبيت اسمه ضمن قائمة المبدعين.. مرة نرى اسمه في جريدة (الجمهورية) وأخرى في جريدة (النور) وثالثة في جريدة (كل شيء) ورابعة في مجلة (الآداب) اللبنانية، ومقابلة صحفية هنا ولقاء إذاعي هناك..
لمع اسمه وسط إبداع ملحوظ وشهرة واسعة، حصد بسببها غيرة بعض الكتّاب وكل أشباه (الكتّاب) غير إنه، صمد بوجه الموجة الساخطة، الحاسدة وبقىّ نجما، محبوبا، مشاكسا، سابحا ضد هذا التيار الأدبي ومواليا لذلك التيار .. تراه مرة عبوسا حد القرف؛ وأخرى تراه فرحا مثل طفل صغير.
رحم الله عبد الستار ناصر الذي مرت ذكرى وفاته الـ (11) في شهر آب المنصرم وسط صمت لافت، عدا إشارات خجولة !