طالب سعدون
سؤال يتردد كثيرا.. إلى أين تتجه المنطقة كما كان يتردد بعد كل أزمة تمر بها.. لكن بفارق واضح أن المشكلة الآن أعمق وأكبر وأكثر ضحايا وتوسعا؟ وهل سينجح نيتنياهو في جرها إلى أتون حرب مدمرة يعمل على توسيعها لتحقيق هدفه أم فشل فيه فشلا ذريعا..؟ فلم يتحقق له ما أراد بالتخلص من حماس ولا في عودة الرهائن الإسرائيليين.
- اذا كان نيتنياهو يحارب سابقا على جبهة واحدة (حماس) فهو الان يحارب على جبهتين وإسناد قوي من جبهات أخرى تنزل به الضربات الموجعة.. ولا يستطيع أن ينفرد بواحدة منها لأنها واحدة... لا من الجو ولا على الأرض في مناورته البرية الفاشلة.
- واذا كان يواجه صواريخ حماس لوحدها على (أرضه) وهي قريبة وفي متناول قوسها، فإن عواصف الصواريخ والمسيرات الآن ساحقة ماحقة، والأرض المحتلة كلها في مرماها تدك قواعد العدو من بعد وتنزل به أفدح الخسائر.
جبهة لبنان وغزة وأخواتها فاجأت نيتنياهو وحلفاءه بما لم يكن في حسابه عندما خطط لاغتيال هنية والسيد نصر الله وقيادات في المقاومة، وقتل اللبنانيين في انفجارات أجهزة الاتصالات (بيجر) وغيرها، فقد فات العدو أن أداء المقاومة، سيكون مضاعفا للانتقام والأخذ بثأر الضحايا، وستظهر أمامه قيادات جديدة لم يتوقعها وسيحتاج إلى وقت طويل لكي يجمع معلومات عنها لأنها غير معروفة لديه، ولم تكن تحت أنظار عملائه أو توقعاتهم، وربما لم تخضع للرصد والمتابعة كما هي القيادات القديمة، التي مضت عليها سنوات طويلة وبذلك تكون الفرصة قد ضاعت على العملاء، الذين كان جل عملهم قد انصب على القيادات القديمة، كما سيكونون هدفا للملاحقة والتصفية من القيادات الجديدة.
كان نيتنياهو في عملياته الفاشلة يراهن على أوهام لم ينفع معها التضليل والمزاعم والغرور بأن يده يمكن ان تمتد إلى اي مكان في منطقة الشرق الاوسط.. يد كسرتها المقاومة واطاحت بوهم القوة الفارغة. ومن هنا فإن تضخيم الإعلام المعادي ومن يسانده على هذه العمليات الخائبة بأنها تشكل خسارة كبيرة للمقاومة ونصرا كبيرا لنيتنياهو هي محاولات بائسة يائسة لن تنطلي على الشعوب، مثلما هي تغطياتهم لسير المعركة فهي لا تساوي بين القاتل والضحية فقط وانما تعطي له المبرر للقتل.. فعلى سبيل المثال تنقل هذه الوسائل المضللة خبرا وصورا عن استهداف بنايات سكنية وقتل اعداد كبيرة فيها بحجة وجود أسلحة للمقاومة، تحتها لكي تعطي للعدو مبررا في جرائمه.. بينما يقتضي الواجب الانساني والمهني ان تنقل الحقيقة وتركز على جرائم العدو واستهدافه الأطفال والشيوخ والنساء، ضمن عملية ابادة واضحة لا تحتاج إلى تضليل وتسويف.
إن رهان نيتنياهو على هذه العمليات لإطالة أمد الحرب رهان خاسر ليس عسكريا فقط، وإنما في سمعة الكيان الغاصب على الصعيد الدولي، وكان نصيب المقاومة النصر في وحدتها وتعزيز علاقتها مع الجماهير وفي عملياتها وتوسعها جغرافيا وقد انزلت بالعدو خسائر فادحة، حيث كانت اكثر كلفة ماديا وبشريا واقتصاديا ودبلوماسيا من كل المعارك السابقة وستجبره حتما على الاعتراف بحقها في اقامة دولتها على كامل أرضها، وهو حق مشروع للشعب الفلسطيني.