حسين علي الحمداني
لم يكن خبر استشهاد يحيى السنوار مفاجأة لمن يعرف عقيدة المقاومة الفلسطينية، التي قاتلت منذ أكثر من عام مضى في غزة وباقي الأراضي الفلسطينية وتحملت هذا الكم الهائل من القنابل الذكية والصواريخ الموجهة، وقدمت من الشهداء ما يكفي لأن تفتح الجنة أبوابها كما فتحت صفحات التاريخ أوراقها لتدون أسماءهم بحروف امتزجت بين لون الدم والذهب ورائحة الأرض المخضبة بهم. وأيضا للمتابع للعدوان الصهيوني يدرك جيدا أن الشهيد السنوار كان المطلوب رقم واحد للكيان الصهيوني، وبالتالي فإن استشهاده تتويج لمسيرته النضالية ضد المحتلين الغاصبين للأرض الفلسطينية.
لم يكن السنوار سوى مقاتل فلسطيني كان يبحث عن الخلاص من هذا الاحتلال، فكان طوفان الأقصى بداية لسقوط جبروت المحتل، السنوار كغيره من الفلسطينيين يدرك جيدا أنه سينال الشهادة في ساعة ما، لم يكن يتشبث بالحياة لهذا لم يغادر قطاع غزة ولم يفكر بالمغادرة، وهو الذي عاش فيها وقاتل من أجلها واستشهد وهو يتوسد ترابها الغالي. حُكم عليه بالمؤبد في سجون الاحتلال، قضى ربع قرن هناك،غيره ربما يكتفي بهذا النضال، لكنه ظل في غزة التي أحبها وأحبته، كان يفكر مليا كيف يفتدي هذا الوطن وكيف يعيد القضية الفلسطينية لأن تكون أولوية هذا العالم، الذي تنساها وسط خرائط الطريق الكثيرة التي تناثرت على طاولة المفاوضين من كل الجهات.
لم نتفاجأ باستشهاده لأننا أمة تدرك جيدا أن الشهادة تبحث عن هذا النوع النادر من الرجال، وقد سبقه الشهيدان الخالدان السيد حسن نصر الله و إسماعيل هنيه وقبلهما الشيخ أحمد ياسين وآلاف الفلسطينيين، التي اغتالتهم طائرات العدو وقذائفه وصواريخه.
معركة الكرامة ثمنها كبير كي تحيا فلسطين في وجدان العالم، كان الأمر يتطلب شهداء بمستوى فلسطين وقدسها وأقصاها، ولم يكن الشهيد السنوار إلا كريما وهو يقدم دمه قربانا لهذا كما كان الذين سبقوه للشهادة كرماء بأرواحهم كي تبقى القدس قدسنا والأقصى لنا.
نحن أمة نحتاج لهؤلاء الشهداء الأبرار الذين غيروا مجرى التاريخ، وأكدوا للعالم اننا أمة لا تموت ولا تتخاذل ولا تستسلم، أمة قدرها أن تتنفس عبق الشهادة وتتعلم من الشهداء معنى آخر للحياة.
غدا في كل مدن العرب والمسلمين ستحمل الشوارع اسما جديدا هو السنوار، ومدرسة جديدة مدرسة الشهيد السنوار، لا أحد يسأل عن دلالة الاسم يكفي أن تقول السنوار فيعرفه الصغير والكبير على حد سواء.