السنوار.. مقبلاً غير مدبر!

آراء 2024/10/21
...

 ناجي الغزي

  استشهاد يحيى السنوار يطرح تساؤلات حول مستقبل حماس في ظل تصاعد الصراع مع الاحتلال الصهيوني. السنوار كان يمتلك قدرة على دمج القيادة السياسية والميدانية، مما أسهم في توحيد رؤية حماس. قد تواجه الحركة تحديات كبيرة بعد فقدان شخصية ذات تأثير كبير على العمليات العسكرية والسياسية، لكن من المتوقع أن يتصاعد زخم المقاومة بسبب الرمزية القوية لاغتياله وهو في ساحة المعركة.

يحيى السنوار، المولود عام 1962 في خان يونس جنوب قطاع غزة، كان شخصية محورية في قيادة المقاومة الفلسطينية. قاد حركة حماس بجناحها العسكري والسياسي لفترة طويلة، حيث اعتبره الاحتلال الصهيوني مهندس العمليات العسكرية الكبرى التي نفذتها الحركة، وعلى رأسها عملية "طوفان الأقصى" في 7 أكتوبر 2023. السنوار، الذي قضى سنوات في سجون الاحتلال قبل الإفراج عنه في صفقة تبادل الأسرى عام 2011، عاد إلى قيادة كتائب عز الدين القسام وكان رمزاً للمقاومة المستمرة ضد الاحتلال.

في عام 2017، انتُخب السنوار رئيساً لحماس في غزة، وأعيد انتخابه في 2021، وفي 2024 تولى رئاسة المكتب السياسي للحركة بعد اغتيال إسماعيل هنية. تمتع السنوار بشخصية تجمع بين البراعة الميدانية والخبرة السياسية، مما أكسبه تأثيراً واسعاً داخل الحركة. ولكنه اغتيل يوم الخميس في منزل بتل السلطان في رفح بعد اشتباك مع وحدة صهيونية من الفرقة 162. 


طريقة استشهاده وأثرها في الصراع

طريقة استشهاد السنوار، الذي قُتل وهو في معركة ميدانية، يرمز إلى شجاعته ورفضه الاختباء أو التراجع عن المواجهة. على عكس الدعاية الصهيونية التي حاولت تصويره بأنه يختبئ في الأنفاق، أثبت السنوار أنه قائد لا يترك ميدان المعركة، وهو ما يعزز من الروح المعنوية للمقاومة الفلسطينية ولأنصارها.

الاحتلال الصهيوني يرى في اغتيال السنوار انتصاراً تكتيكياً كبيراً؛ فهو قاد العمليات العسكرية خلال فترة تُعد الأصعب في تاريخ الصراع. لكن في الواقع، فقد يحقق هذا الاغتيال مكسباً معنوياً لحماس التي ستقدمه كشهيد في مواجهة الاحتلال، مما سيزيد من معنويات مقاتليها ويقوي التماسك الداخلي للحركة.


مستقبل حركة حماس 

بعد استشهاد السنوار

استشهاد يحيى السنوار يطرح تساؤلات حول مستقبل حماس في ظل تصاعد الصراع مع الاحتلال الصهيوني. السنوار كان يمتلك قدرة على دمج القيادة السياسية والميدانية، مما أسهم في توحيد رؤية حماس. قد تواجه الحركة تحديات كبيرة بعد فقدان شخصية ذات تأثير كبير على العمليات العسكرية والسياسية، لكن من المتوقع أن يتصاعد زخم المقاومة بسبب الرمزية القوية لاغتياله وهو في ساحة المعركة.

حماس تمتلك بنية تحتية تنظيمية قوية، وقد سبق أن تعاملت مع اغتيال قيادات بارزة مثل الشيخ أحمد ياسين وعبد العزيز الرنتيسي. لذا، فإن اغتيال السنوار قد يدفع الحركة إلى إعادة ترتيب أوراقها الاستراتيجية وتصعيد العمليات العسكرية كرد فعل. كما أن التنظيم العسكري لحماس، كتائب عز الدين القسام، قادر على التكيف مع هذا النوع من الخسائر، وستستمر في مواجهة الاحتلال عبر تعزيز قدراتها العسكرية والميدانية.


ما الذي حققة الكيان الصهيوني؟

اغتيال السنوار يمثل للكيان نصراً تكتيكياً ونفسياً، حيث نجحت في اغتيال قائد مهم كان يترأس العمليات الميدانية في غزة. هذا الاغتيال يعزز ثقة القيادة العسكرية الإسرائيلية في قدرتها على استهداف الشخصيات البارزة لحماس حتى في ظل الحرب المفتوحة.

من الناحية السياسية، 

يعتبر هذا الاغتيال جزءاً من استراتيجية الكيان الرامية إلى "تهشيم المفاصل" الفلسطينية وتحييد قادة المقاومة بشكل متتابع، ما قد يسهم في إضعاف القدرة القيادية للحركة مؤقتاً. لكن على المدى الطويل، قد يؤدي ذلك إلى تعزيز مقاومة الشعب الفلسطيني وتوحيد فصائل المقاومة في ظل صعود قادة جدد.


ماذا بعد استشهاد السنوار؟

استشهاد يحيى السنوار يفتح فصلاً جديداً في الصراع. على الرغم من أن الكيان نجح في التخلص من قائد ميداني مهم، إلا أن الصراع لن يتوقف. حماس قد تشهد تصعيداً في العمليات العسكرية كرد فعل، كما أن الحركة قد تتبنى سياسة أكثر صلابة تجاه الكيان، خاصة بعد أن أثبت اغتيال السنوار أن الاحتلال لا يفهم إلا لغة القوة.

الاحتلال الصهيوني، بقيادة بنيامين نتنياهو، يستمر في الحديث عن مشاريع استراتيجية تهدف إلى إعادة رسم ملامح الشرق الأوسط بما يخدم المصالح الصهيونية. نتنياهو، الذي يلمح أحياناً إلى رمزية الملك داوود وتأسيس "إسرائيل الأولى"، يبدو وكأنه يسعى لتحقيق "إسرائيل الكبرى" على حساب الشعب الفلسطيني 

ودول المنطقة. 

ولكن مقاومة الشعب الفلسطيني، التي تتصاعد بعد كل عملية اغتيال، ستبقى التحدي الأكبر لهذا المشروع.

في الختام، استشهاد يحيى السنوار لن يضعف من زخم المقاومة، بل سيزيدها تصميماً على المضي قدماً في مواجهة الاحتلال. الكيان الصهيوني ربما قد يحقق انتصارات تكتيكية بدعم من أمريكا والغرب، لكن الصراع لن يُحسم إلا في ميدان المعركة، حيث سيبقى المقاتلون الفلسطينيون هم أصحاب الكلمة الأخيرة.