من يكبح جماح التغوّل

آراء 2024/10/22
...

سعد العبيدي

لقد تسببت الحرب مع الكيان الصهيوني في إحداث دمار متعمد مسكوت عنه وبشكل غير مسبوق، فتح الشهية أمام القادة الصهاينة للسير في التدمير أبعد مما تقتضيه المعارك في ساحة حرب تحاول توسيعها بكل الاتجاهات... سلوك عدوان أو تغول لم يتمكن العرب والمسلمون القريبون بتحركهم الخجول من إيقافه أو حتى التخفيف من شدته، ولم يأبه العالم الآخر من غير المسلمين لكثر خسائره في الأرواح وفي الدفع باتجاه التشريد والتجويع الذي أضحى مقصوداً وبشكل لا لبس فيه. إنه تغول تزداد شدته أو تتصاعد كلما اتسعت آثاره البشرية والمادية، وبمستويات ستفضي في نهاية المطاف إلى تدمير أوسع وأقسى، وستجر المنطقة برمتها ودون سيطرة من العالم و"إسرائيل" ذاتها إلى دوامات من الكره والعداء وأشكال من الصراع المسلح لعشرات وربما لمئات مقبلة من السنين، ما يثير سؤالاً عن الكيفية التي يمكن بها إيقاف هذا التغول أو الكائن الذي يزداد تعطشه إلى الدم يومًا بعد آخر؟
والإجابة على مثل هذا السؤال في الظرف الحالي غير الطبيعي هو أن القادرين على كبح جماحه هم الحكومات العربية والإسلامية بتوحدها ونبذ الخلافات فيما بينها، والأكثر قدرة منها الشعوب العربية والإسلامية، التي يمكنها الخروج في تظاهرات مستمرة تنادي وتحفز حكوماتها وباقي دول العالم، للتدخل باتجاه الإيقاف وإنصاف الحق الفلسطيني في إقامة دولته.
كذلك الشعوب الأوروبية والآسيوية، التي يسهل عليها التظاهر وتكوين مواقف الضغط على الحكومات لإجبارها على الخروج من خانة الدعم والتأييد للكيان المحتل أو تخطي توجهات الصمت الذي يوفر لها أي الكيان فرصة الاستمرار في التغول. وبعكسه سيستمر العدو في خططه بالتدمير، دون حساب للمستقبل، الذي سيكون ومهما كثرت الخسائر سبيلاً لنشأة أجيال تحمل في طيات عقولها صورا وأفكارا بشعة عن الدمار وعن الكيان الغاصب غول عالمي يخلق أعداءه ليس في المنطقة التي يتواجد فيها، بل وفي جميع المجتمعات البشرية التي ستصحو حتما من غفوتها وتحكم على الغول بالتوقف أو الموت.