مات السنوار… ليحيا

الصفحة الاخيرة 2024/10/22
...

د. علاء هادي الحطاب

لابد لحياة العظماء الذين يقدمون إنجازات كبيرة لمجتمعاتهم، من أن يموتوا ميتة تليق بهم، كلٌ منهم بحسب مساحة اشتغاله، فلا يليق بمن ملأ دنياه فعلا حركيا أن يموت بلا صخب وتفاعل.
رئيس المكتب السياسي لحركة حماس الشهيد يحيى السنوار الذي انضم في ريعان شبابه إلى الحركة، وقاوم المحتل الإسرائيلي منذ شبابه، وذاق مرارة السجن لأكثر من عشرين عاما، وعندما أُطلق سراحه عاد أصلب عودا وأكثر ثباتا في موقفه المقاوم، بل أصبح هو الشغل الشاغل لحكومة الكيان الصهيوني وشعبها، لأنه كان الأكثر راديكالية من أقرانه في القيادة، حتى تكلل فعله المقاوم بأحداث طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر الماضي، إذ كان المخطط والمشرف على تنفيذها، تلك العملية التي كشفت وهن الكيان وضعفه، وأنهت أسطورة كونه الكيان الذي لا يُقهر ولا يُهزم.
طرح الكيان الصهيوني روايات عديدة بشأن السنوار في سبيل إلصاق التهم به، بين تهم الهروب وترك مقاتليه وشعبه في غزة، وأنه يحتمي بالرهائن الصهاينة، وأنه يلتحف الخوف، وغيرها من روايات إعلام الكيان وماكناته الغربية والعربية، لكن طريقة موته التي اعترف الكيان بأنها كانت “صدفة “ أثناء اشتباك فوق الأرض، لا من خلال عملية استخبارية دقيقة، ولا من خلال اعتقال ولا غيرها، بل إن الرجل قاتلهم كما نشر إعلامهم حتى الرمق الأخير في مواجهة مباشرة بين رجل يحمل سلاحه وجيش كامل يخشى مواجهته، فأرسل إليه مسيرات لتتأكد من وجوده حيا أو ميتا، ثم ترمي دباباته قنابلها لتقتله، من دون أن يتجرأ ضباطه وجنوده على مواجهته، رغم أنهم لم يعرفوا في حينها أنه السنوار، هذه حقيقة الجيش الذي صور نفسه لنا أنه لا يُقهر.
أجزم أن الملايين من المسلمين والعرب فضلا عن الغرب وأوروبا وبقية شعوب العالم، لم تكن تعرف السنوار في حياته، بل عرفته بعد مماته وطريقة استشهاده البطولية، لذا فإن الرجل عادت إليه حياته بعد استشهاده، لذا هو بيننا الآن زعيما مقاتلا شجاعا رابضا في موقعه، لم يهرب من معركة ولم يفر من موت، رجل أسطورة في المواجهة والثبات، لذا كان
موت السنوار حياةً له.