مع انطلاق قمة بريكس.. الرئيس الصيني: العالم اليوم يواجه تحولات هائلة لم نشهدها منذ قرن
قازان: (شينخوا)
انطلقت قبل قليل قمة بريكس في مدينة قازان الروسية. وحضر الرئيس الصيني شي جين بينغ النسخة الـ16 لقمة بريكس اليوم الأربعاء.
وقال الرئيس الصيني: إن الصين وروسيا وجدتا الطريق الصحيح لكي تتوافق الدول الكبرى المجاورة مع بعضها البعض، والذي يتسم بعدم التحالف وعدم المواجهة وعدم استهداف أي طرف ثالث.
أدلى شي بهذه التصريحات في أثناء اجتماعه مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
وفي معرض إشارته إلى أن العام الجاري يوافق الذكرى الـ75 لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين الصين وروسيا، قال شي إن العلاقات بين البلدين نجحت على مدى السنوات الماضية في التغلب على التحديات.
وأوضح شي أن الجانبين، من خلال التمسك بروح حسن الجوار والصداقة الدائمين والتنسيق الاستراتيجي الشامل والتعاون متبادل المنفعة والمربح للجانبين، استمرا في تعميق وتوسيع التنسيق الاستراتيجي الشامل والتعاون العملي في مختلف المجالات، مضيفا أن ذلك ضخ زخمًا قويًا في تنمية وتنشيط وتحديث البلدين وساهم بشكل كبير في تعزيز رفاهية شعبي البلدين وحماية النزاهة والعدالة الدوليتين.
وأشار شي إلى أن العالم اليوم يواجه تحولات هائلة لم نشهدها منذ قرن، مما أدى إلى مشهد دولي سريع التغير ومضطرب، معرباً عن ثقته في أن الصداقة العميقة والدائمة بين الصين وروسيا لن تتغير، كما أن مسؤولياتهما، كدولتين كبيرتين، تجاه إفادة العالم والشعوب، لن تتغير كذلك.
وقال شي إنه برغم التحديات الخارجية المعقدة والشديدة، فإن التعاون الثنائي في مجالات مثل التجارة يواصل التقدم، وتظل المشروعات المشتركة واسعة النطاق مستقرة في التشغيل، مضيفا أنه يتعين على البلدين تعزيز المواءمة بين مبادرة الحزام والطريق والاتحاد الاقتصادي الأوراسي بشكل أكبر من أجل دعم التنمية الاقتصادية عالية الجودة في كل منهما.
وأكد أن العام المقبل يوافق الذكرى الـ80 لتأسيس الأمم المتحدة والانتصار في الحرب العالمية. يتعين على الصين وروسيا، وكلاهما عضوان دائمان في مجلس الأمن الدولي ودولتان رئيسيتان في العالم، تعزيز الاتصالات والتنسيق ضمن الأطر متعددة الأطراف مثل الأمم المتحدة ومنظمة شانغهاي للتعاون، وتعزيز النظرة الصحيحة لتاريخ الحرب العالمية الثانية، والتمسك بحزم بالنظام الدولي المتمركز حول الأمم المتحدة، والعمل بشكل مشترك على حماية الاستقرار الاستراتيجي العالمي والنزاهة والعدالة الدوليتين، وفقا لما قال.
وقال شي إن آلية البريكس هي المنصة الأكثر أهمية في العالم للتضامن والتعاون بين الأسواق الصاعدة والدول النامية، مضيفًا أن الصين تشيد بقوة بالجهود العظيمة التي تبذلها روسيا بوصفها رئيسا للبريكس .
وأعرب شي عن تطلعه إلى إجراء مناقشات معمقة مع القادة المشاركين الآخرين في القمة المقبلة بشأن التنمية المستقبلية لآلية البريكس لبناء توافق بين الأطراف، وإرسال رسالة إيجابية من التضامن والتعاون، وتعزيز التنسيق الاستراتيجي والتعاون العملي بين دول البريكس في مختلف المجالات، من أجل الحصول على مزيد من الفرص للجنوب العالمي.
من جانبه، قال بوتين إنه منذ إقامة العلاقات الدبلوماسية بين روسيا والصين قبل 75 عاما، تطورت الدولتان إلى شريكتين استراتيجيتين شاملتين للتنسيق في العصر الجديد، حيث حافظت العلاقات الثنائية على نمو عالي المستوى وصياغة نموذج لنمط جديد من العلاقات بين الدول الكبرى. وذكر بوتين أنه بفضل الجهود المشتركة من الجانبين، يواصل التعاون الروسي-الصيني، القائم على المساواة والاحترام المتبادل والمنفعة المتبادلة، التقدم، كما تم عقد أنشطة أعوام الثقافة الروسية-الصينية بنجاح، مضيفا أن روسيا على استعداد لتعميق التعاون مع الصين وتعزيز التنمية والتنشيط بين البلدين بشكل أكبر.
وفي معرض إشارته إلى أن العام المقبل يوافق الذكرى الـ80 لنهاية الحرب العالمية الثانية، قال بوتين إن روسيا والصين قدمتا تضحيات هائلة من أجل النصر في الحرب العالمية ضد الفاشية، وإن روسيا على استعداد لإحياء ذكرى هذا الحدث المهم مع الصين.
وأعرب بوتين عن استعداد روسيا أيضا للحفاظ على تبادلات وثيقة عالية المستوى وكذا اتصال وتنسيق استراتيجيين مع الصين في الشؤون الدولية، وكذا العمل مع الصين من أجل الحماية المشتركة للنزاهة والعدالة الدوليتين والاستقرار الاستراتيجي العالمي.
وقدم بوتين الشكر للصين على دعمها خلال رئاسة روسيا للبريكس، معربا عن استعداد روسيا للتعاون الوثيق مع الصين لضمان نجاح القمة الأولى للبريكس بعد توسعها، ما يحقق نتائج إيجابية في تعاون البريكس الأكبر.
كما عقد رئيسا الدولتين تبادلات معمقة لوجهات النظر بشأن القضايا الدولية والإقليمية الرئيسية ذات الاهتمام المشترك. وكان الرئيس الصيني شي جين بينغ قد وصل إلى مدينة قازان الروسية أمس (الثلاثاء).
ورحب المسؤولون الروس بالرئيس شي في المطار. واصطف حرس الشرف على جانبي سجادة حمراء لتحية الزعيم الصيني، الذي لقي أيضا ترحيبا وحفاوة تقليدية من شبان روس يرتدون الأزياء الوطنية. وشوهدت طائرة مقاتلة روسية ترافق طائرة الرئيس شي. ورأت أدلت زوكيسوا روبوجي، الباحثة بجامعة والتر سيسولو في جنوب إفريقيا، انه "في الوقت الذي يتزايد فيه تأثير بريكس، اكتسبت المجموعة جاذبية بين العديد من الدول، وخاصة في الجنوب العالمي، من خلال تقديمها مزايا ملموسة، حسبما ذكرت خبيرة من جنوب إفريقيا".
واضاف في مقابلة نقلتها وكالة أنباء الصين الجديدة ((شينخوا)) قبل انطلاق القمة: "لقد قطعت بريكس بلا شك أشواطا ملحوظة في السنوات الأخيرة"، مضيفة "أن من أهم الإنجازات هو توسيع المجموعة لتشمل المزيد من الدول، وهو ما يعكس جاذبيتها المتزايدة وأهميتها في ظل المشهد الجيوسياسي المتغير".
وأضافت الخبيرة أن آلية بريكس تقدم للاقتصادات الناشئة وصولا أسهل إلى الموارد المالية وفرصا أفضل في التجارة والاستثمار والتنمية.
وأشارت إلى أن بنك التنمية الجديد قدم تمويلا لمشروعات بنية تحتية مهمة في دول الجنوب العالمي، ما ساعدها على معالجة تحديات التنمية الملحة. وأوضحت روبوجي أن هذا الأمر أدى إلى تمكين هذه الدول من خلال منحها إمكانية الوصول إلى التمويل الذي تحتاجه بشدة مع السماح لها بالحفاظ على قدر أكبر من الاستقلال فيما يتعلق بمسارات التنمية الخاصة بها.
وتابعت قائلة إن بريكس تمثل تحولا نحو تعددية الأقطاب، ما يجذب الدول التي تسعى إلى تنويع علاقاتها وتقليل الاعتماد على القوى الغربية.
ومضت قائلة إن التزام بريكس بالتعددية وإصلاح الحوكمة العالمية "يتماشى مع مصالح الاقتصادات الناشئة التي تهدف إلى أن يكون لها صوت أقوى في عملية صنع القرار على الصعيد الدولي. وأردفت قائلة: "بالإضافة إلى ذلك، تركز بريكس على التعاون في التكنولوجيا والطاقة وتغير المناخ، لتصبح شريكا جذابا للدول الساعية نحو تحقيق النمو المستدام إلى جانب التصدي للتحديات العالمية".
واستطردت قائلة إنه في الوقت الذي تتوسع فيه بريكس، فإن "قدرة المجموعة لإعادة تشكيل الديناميكيات الاقتصادية والسياسية العالمية تستمر في جذب اهتمام الدول التي تبحث عن تحالف استراتيجي خارج مراكز القوة التقليدية".
وفي هذا السياق، أوضحت روبوجي أن مجموعة بريكس أصبحت منصة متزايدة الأهمية لدول الجنوب العالمي. وقالت إن مجموعة بريكس وسعت بشكل متزايد نطاق وصولها إلى الدول الإفريقية، مما سهل الاستثمارات والشراكات في قطاعات مثل الطاقة والبنية التحتية والتكنولوجيا.
وأضافت روبوجي: "على سبيل المثال، أدت مبادرة الحزام والطريق، بدعم من تعاون مجموعة بريكس، إلى تطوير البنية التحتية بشكل كبير في الدول الإفريقية. وتعزز هذه الشراكة النمو الاقتصادي في إفريقيا وتقلل من اعتمادها على المساعدات والاستثمارات الغربية، ما يسمح للدول الإفريقية بالتفاوض على شروط أكثر إنصافا وتعزيز التعاون بين بلدان الجنوب".
وقالت الخبيرة إن مجموعة بريكس قدمت فوائد ملموسة لدول الجنوب العالمي من خلال تعزيز الوحدة، وتعزيز تمثيلها في الحوكمة العالمية، وتعزيز مسارات التنمية الأكثر عدالة واستدامة. واختتمت روبوجي قائلة: "من خلال المبادرات الاقتصادية، والدعوة إلى الإصلاح المؤسسي، والمواقف المبدئية بشأن السيادة وعدم التدخل، أصبحت مجموعة بريكس منصة أساسية لمعالجة تطلعات وتحديات الجنوب العالمي".