أ.د.جاسم يونس الحريري
يطلق لقب الشهيد في الإسلام على من يقتل أثناء حرب مع العدو، سواء أكانت المعركة جهاد طلب أي لفتح البلاد ونشر الإسلام فيها، أم جهاد دفع أي لدفع العدو الذي هاجم بلاد المسلمين. وقد ذكر رسول الله(ص): (من قُتل دون دينه فهو شهيد ومن قُتل دون ماله فهو شهيد ومن قُتل دون دمه فهو شهيد ومن قُتل دون أهله فهو شهيد). وكذلك من مات غرقاً أو حرقاً فهو شهيد. شهداء الآخرة المكرمون بالرحمة والمغفرة بوعد الله تعالى، وهم الأحياء عند ربهم لقوله جل وعلا: (ولا تقولوا لمن يُقتل في سبيل الله أموات بل أحياء ولكن لا تشعرون) [البقرة: 154] وهم المحددون بفعل القتال في سبيل الله لا لغرض في الدنيا لقوله تعالى "(فليقاتل في سبيل الله الذين يشرون الحياة الدنيا بالآخرة ومن يقاتل في سبيل الله فيُقتل أو يَغلب فسوف نؤتيه أجرًا عظيمًا) [النساء: 74] هذه الفئة من الشهداء كان وعد الله عليه حقا أن يدخلهم الجنة لقوله جل شأنه "(إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويُقتلون وعدًا عليه حقًا في التوراة والإنجيل والقرآن ومن أوفى بعهده من الله فاستبشروا ببيعكم الذي بايعتم به وذلك هو الفوز العظيم) [التوبة: 111]. والشهادة حالة عليا من الإيثار والتضحية بأغلى ما يملك الإنسان وهو حياته ونفسه ثمنا لمبادئه وعقيدته وقربه إلى الله. ولو نظرنا إلى ما قاله الشهيد يحيى السنوار، ونظرته إلى الشهادة لرأينا أنموذجا في تقديم الروح فداء للوطن والمبادئ، التي آمن بها وهي التخلص من الاحتلال الصهيوني المجرم، إذ يقول قبل استشهاده (أكبر هدية يمكن أن يقدمها العدو والاحتلال لي هو أن يغتالني وأن أقضي إلى الله سبحانه وتعالى شهيدا على يده وأنا عمري اليوم 59عاما افضل أن أستشهد بf16 أو بالصواريخ من أني أموت بالكورونا أو أموت بجلطة أو سكتة أو بهذه الطرق. أنا أفضل أن أقتل شهيدا). ومن جانب آخر يقول سماحة السيد الشهيد حسن نصرا الله (قدس الله سره الشريف) قبل استشهاده ليبين موقفه من الاستشهاد (نحن شركاء في الألم، وشركاء في الافتخار.
إن حركات المقاومة يستشهد قادتها ويستشهد مجاهدوها ومقاتلوها ورجالها ونساؤها وأطفالها وجمهورها نحن شركاء في الشهادة سوية في صنع الانتصار الآتي إن شاء الله). هذا الادب المقاوم لدى قادة المقاومة يقف بالضد من المشروع الصهيوني الاحتلالي الغاصب المجرم، الذي استخدم كل الأسلحة المحرمة دوليا لاستهداف قادة المقاومة ظنا منه أن سيكسر شوكة المقاومة في المنطقة، وهذا الموقف يمثل نقصا في فهم العدو الصهيوني المجرم لقادة المقاومة الذين نذروا أنفسهم للمبادئ التي ضحوا من أجلها دفاعا عن المقدسات. هذه الدماء كانت عاملا أساسيا في ارتقاء وازدياد قوة المقاومة واقتدارها وعزمها وثباتها وتحقيق الانتصارات التاريخية للامة بقيادة قائدها الاستثنائي الشهيد السيد حسن نصر الله.
وهنا يكفي الاشارة لما قالته حركة حماس في بيان نعيها للشهيد القائد السنوار، حيث أكدت أن "هذه الدماء ستظل توقد لنا الطريق وتشكل دافعاً لمزيد من الصمود والثبات وأن حركة حماس ماضية على عهد القادة المؤسسين والشهداء، حتى تحقيق تطلّعات شعبنا في التحرير الشامل والعودة وإقامة الدولة الفلسطينية على كامل التراب الوطني الفلسطيني وعاصمتها القدس، بإذن الله وسوف تتحول لعنة على المحتلين الغزاة الطارئين على هذه الأرض" ، وتابعت أن "استشهاد الأخ القائد يحيى السنوار وكلّ قادة ورموز الحركة الذين سبقوه على درب العزَّة والشهادة ومشروع التحرير والعودة، لن يزيد حركة حماس ومقاومتنا إلّا قوَّة وصلابة وإصراراً على المضي في دربهم والوفاء لدمائهم وتضحياتهم…". وبالسياق نفسه، سبق لحزب الله أن أكد في بيان نعيه للشهيد الأسمى السيد حسن نصر الله (رض) أن "قيادة حزب الله تعاهد الشهيد الأسمى والأقدس والأغلى في مسيرتنا المليئة بالتضحيات والشهداء أن تواصل جهادها في مواجهة العدو وإسنادا لغزة وفلسطين ودفاعًا عن لبنان وشعبه الصامد والشريف".