لماذا لا يوقف نتنياهو الحرب؟

آراء 2024/10/24
...

علي لفتة سعيد

كل حرب لها زمن البدء، مثلما لها زمن التوقف.. فالحروب أداة السياسة التي تنتهي معها حلول السلام مثلما هي أداة التوسع للحصول على مآرب أخرى، كما كانت في التوسعات الاستعمارية من أجل الحصول على الموارد الطبيعية والبشرية وغيرها وسعة الأرض ومساحة الحكم وحتى التبشير الديني.
فالحرب قد تكون مسعى وقد تكون سببا وقد تكون هدفا وتخطيطا وغاية، من أجل تحقيق مآرب مستقبلية، أو إخفاء أسباب أخرى تتعلق بالطغيان، والحرب على غزة ومن ثم لبنان هي حرب تحمل كل هذه الأسباب والأهداف والمخططات ضمن عنوان الصراع الأزلي.
إن الأمر لا يتعلق بكل هذه الضغوط فنتنياهو شيطان سياسي وسياسي شيطان.. ولهذا فإن الأمر ليس حربا بين مختلفين، بل هي لتحقيق أهداف عالمية ربما تشبه سنوات التخطيط لتقسيم الدول العربية في معاهدة سايكس بيكو.
 ولهذا فإن نتنياهو يعلم هذا التوجه الخارجي الدولي، الذي أريد به أن يتحصل التغيير في الدول الشرق الأوسط، لكن الأمر الذي يضاف إلى هذه المخططات ما يتصل بنتنياهو نفسه فهو جزء من المخطط وأداة التنفيذ.. مثلما هو توسع ذاتي نفسي ورغبة عارمة في التسجيل داخل موسوعة التاريخ، التي وصلت مرحلتها في تصفية القضية الفلسطينية، ومن ثم احداث التغييرات في البنية المجتمعية داخل شعوب المنطقة، فرئيس وزراء الكيان الصهيوني أصبح هو الرأس والذراع معا.. ولذا هو يدرك أن وقف الحرب التي تعد واحدة من شروط المعارضة بسبب الخسارات التي يتكبَّدها في المعركة، سواء من قبل حماس أو حزب الله، فإن وقفها وإعلان نتنياهو نفسه قبول وقف إطلاق النار، يعني أنه سيتعرض إلى محاكمة تاريخية ليس لأنه تعرض إلى خسارة في القوى البشرية والاقتصادية، بل لأنه أصبح شخصا غير مرغوب به، لأنه يتحول إلى طاغية حتى داخل الكيان الصهيوني نفسه، وهو الأمر الذي سيكون مبررا لسحقه تاريخيا أمام معارضيه. لذا فإن وقف إطلاق النار في هذه المرحلة، دون تحقيق الأهداف يعني نهاية تامة على مرحلة نتنياهو. ومن ثم انتهاء المشروع الذي يخطط له في الدوائر التي ذكرناها منذ عقود.. وهو الأمر الذي جعل نتنياهو ومن ورائه دول التفكير والتنفيذ والرعاية أن تستمر في تحقيق الأهداف ومنها القضاء على حماس وحزب الله، وتغيير الأنظمة، خاصة تلك التي بها علاقات مع إيران التي يستغلها نتنياهو في تكرار التصريحات، أن العدو الأول هو إيران ثم إيران ثم إيران كما صرح أكثر من مرة، وقد نجح في تحويل الصراع ونظرة بعض العرب والمسلمين إلى الجهة الإيرانية أكثر من الجهة الصهيونية، وهو ما جعل الكثير من المحللين يعتقدون أن مثل هذا الصراع والمواجهة المخفية غير الحربية على أنها مسرحية.
ان وقف الحرب الان قبل أن يحقق نتنياهو نتائج ملموسة تجعل الداخل الصهيونية فرحا أحد أسباب تأخير وقف الحرف. وستبقى الدماء تنزف والمواقف تتراجع وسيتابع العالم الصور من شاشات الفضائيات.