ا.د. صباح حسن عبد الزبيدي
من المعلوم أن للجامعة دورا كبيرا في بناء وتطوير التعليم بصورة عامة والتعليم التكنولوجي بصورة خاصة، فالجامعات اليوم لا تقاس بالأرقام المتمثلة بأعداد الطلبة والتدريسيين، بل بأعداد الابحاث العلمية والاطاريح التي تساهم في تنمية المجتمع وتطويره، ومن هنا اعتمدت بعض الجامعات على تنويع التعليم التكنولوجي، حتى ظهرت الانماط والخصائص، وهي: أولا الجامعة الرائدة التي سميت من قبل رجل الأعمال الرائد (ENTREPRENEAR)، وهو الذي حدد مجالات لاستثمار الجديد مما حقق نتائج ملموسة عبر اتخاذ قرارات تخدم المجتمع وتطوره، وأصبح من قادة ومؤسسي الجامعات في العالم، وذلك بتنويع انماط التعليم الجامعي بأسلوب جديد غير مألوف أو تقليدي، ولاسيما في مجال (التدريس، البحث العلمي، خدمة المجتمع) وأوصى بضرورة أن تنتقل الجامعة ومهماتها إلى آفاق جديدة، ومنها الجامعة الرائدة وخصائصها تتمحور حول اقامة صلات وآليات جديدة مع البيئة الخارجية، وايجاد انظمة مدعومة ومساعدة للريادة والتجدد، وكذلك تحقيق نتاجات خارجية وداخلية ملموسة على وفق فلسفة إدارة الجودة الشاملة. وبذلك يرى الكاتب أن استخدام مصطلح الجامعة الرائدة جاء وفق تجديد في وظائف الجامعة وجعلها تعيش قضايا المجتمع المختلفة، وبالتالي توليد الأفكار والمعلومات واستخدم تقنيات المعلومات في عدة مجالات.
أما النمط الثاني فهو الجامعة الفاعلة، وهي مرتبطة بنموذج الجامعة الرائدة، وتزويد المنظمات الدولية بوثائق، ولاسيما المنظمات الدولية التابعة لليونسكو بأسلوب جديد في التعليم الإلكتروني في العالم، وخصائصها هو الاهتمام باستخدام انماط جديدة في "التدريس، التدريب" بحيث يتعامل الطلبة بالكفاءة والفعالية من خلال ممارسة الوظائف والأنشطة المدنية والمهنية، وكذلك التركيز على توفير "الكفاءة والجدارة" لكل من الطلبة والعاملين مع برامج الجامعة، واهتمام الجامعة ببحوث الطلبة المبدعة ونشرها وتطويرها بما يخدم المجتمع، وكذلك اهتمام الجامعة بالخريجين وتوظيفهم في مؤسسات المجتمع المختلفة، وأيضا الاهتمام في بث قيم التعاون بين قطاعات الانتاج والخدمات في تنمية جوانب الاقتصاد "المحلي والوطني"، والاهتمام ببحوث مشكلات المجتمع وإيجاد الحلول اللازمة من خلال النقاش والحوار والنقد البناء، والاهتمام أيضا بمؤسسات المجتمع المدني والتعاون معها، والاهتمام كذلك في مفاهيم حقوق الإنسان والعدالة الاجتماعية والتسامح وثقافة السلام بين الشعوب .
وبذلك يرى الكاتب بأن الجامعة قد أصبحت عليها مسؤوليات كبيرة في خدمة مجتمع المعرفة وتكنولوجيا المعلومات، فهي تساهم في توليد المعرفة وبنائها من خلال مد جسور العلم وتكنولوجيا المعلومات وتطويرها بشكل مستمر.
وظهرت أنظمة جديدة للتعليم الالكتروني الجامعي في العالم، ومنها ثالثا الجامعة المبدعة، والتي يتكامل مفهومها مع تكنولوجيا المعلوماتية. فهي تساهم في بناء شخصية الطالب الجامعي المتكاملة على وفق تعليم متميز يجمع ما بين "اصالة المجتمع، ومفاهيم العالم المعاصرة" وعلى سبيل المثال "جامعة الاتحاد المبدعة في الإمارات" وهي مؤسسة جامعية تختص بالتعليم العالي والبحث العلمي في الآداب والعلوم والتكنولوجيا اذ تأسست في 9/7/2001 معتمدة على هذا النظام .
ويتميز نظام التعليم الجامعة المبدعة، بنظام دراسي يعتمد على نظام الساعات المعتمدة، إذ يأخذ هذا النظام بنظر الاعتبار متطلبات قيم المجتمع العربي والإسلامي، وفي نفس الوقت يلبي حاجات سوق العمل، ويعتمد التعليم الجامعي على التعليم الذاتي عبر الاعتماد على مصادر المعلومات سواء في المراجع أو المجلات الموجودة في المكتبة أو المصادر العلمية والميدانية المتوافرة في المكتبة الالكترونية ومراكز المعلومات التي تشترك بها الجامعة عبر الشبكة الدولية للمعلومات، كما ويساهم هذا النظام ببناء شخصية الطالب الجامعي متعاونا في مشكلات المجتمع المعاصر عبر برامج تخصصية وتطبيقات حياتية وأنشطة، فضلا عن وجود علاقة وثيقة بين الجامعة والجامعات العربية والأوروبية والأمريكية في تبادل الخبرات والمعلومات والأساتذة لتسير انتقال الطلبة من جامعة لأخرى، كما ويساعد هذا النظام الطالب على اكمال دراسته العليا بعد تخرجه من هذه الجامعة. وبذلك يرى الباحث أن الجامعة المبدعة من الجامعات العريقة في بناء مجتمع المعرفة وتوليد الأفكار في ظل تكنولوجيا المعلوماتية مستقبلا.