حمزة مصطفى
منذ أكثر من سنة تشغلنا التواريخ. السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023 تاريخ لا ينسى. وفي كلّ الأحوال سوف يضاف الى تواريخ سبقته على صعيد الحروب والنزاعات مع إسرائيل. وطبقاً لما بات يتداول في الخطاب السياسي بعد السابع من أكتوبر الذي هو عنوان "طوفان الأقصى" وما ترتب عليه من أسباب ونتائج متداخلة فإن التاريخ المتحول والمسمى "اليوم التالي" بقيَ يوماً تالياً بلا نهاية. ومع أن تواريخ عديدة تلته على صعيد مجريات هذا الصراع بعضها مفصليَّة، بمعنى أنها تبقى محفورة في الذاكرة مثل مقتل إسماعيل هنية زعيم حماس في طهران، ومقتل زعيم حزب الله السيد حسن نصر الله في الضاحية الجنوبيَّة في بيروت، ومقتل يحيى السنوار زعيم حماس وقائد طوفان الأقصى في غزة، فإنَّ التاريخ الذي بات يفرض حضوره هو الخامس من نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل وهو موعد انتخابات الرئاسة الأميركية.
فهذا التاريخ سيكون هو الآخر تاريخاً مفصليّاً على صعيد مجريات الحرب الدائرة الآن من غزة الى بيروت والتي يقوم من خلالها مجرم الحرب بل "مجرم القرن" نتنياهو بإبادة جماعيَّة من دون رادع. فهذا المجرم العتيد يستغل ما يسمى عادةً في أميركا أثناء السنة الانتخابيّة "البطة العرجاء" كون الإدارة الأميركية تكون في حالة صراع انتخابي بين الحزبين الرئيسيين الجمهوري والديمقراطي مما يعني تأجيل اتخاذ القرارات الكبرى. والمقصود بالقرارات الكبرى هي التي تتخذها الإدارة من دون أن يملك الكيان الإسرائيلي إمكانية التمرّد عليها. لكن هل هذا الامر ينطبق على ما يجري الآن؟، في الواقع لا. فالإدارة الأميركية الحالية "الديقراطية" تبدو بطة عرجاء وحولاء وعمياء معاً بعد أن تحولت الى رهينة بيد مجرم القرن هذا. فنتنياهو يستثمر بخبث طبيعة الصراع الانتخابي بين هاريس وترمب لصالحه عبر ابتزاز الطرفين.
فهو من ناحية يلعب على وتر التقارب في استطلاعات الرأي بين الخصمين لصالح ما يريد أخذه من الإدارة الأميركية التي تعطيه مثلما يشاء ومن ناحية أخرى يُغازل من يعده الأقرب اليه وهو المرشح الجمهوري دونالد ترمب. والمحصلة إنّه في الوقت الذي تضغط فيه إدارة بايدن حتى لا يقوم بضربة غير محسوبة على إيران بينما تؤيّده في كل ما يقوم به من جرائم في غزة وبيروت فإنّ ترمب يعطيه من الآن شيكاً على بياض فيما لو فاز بالمنصب في يوم التصويت الحاسم في الخامس من نوفمبر المقبل.