بغداد: نوارة محمد
شهد مهرجان الجواهري الشعري الذي عاد ليشكل حضوراً مهماً على خارطة الفعاليات الدولية طيلة أيّام إقامته اهتماماً كبيراً بين الأوساط الثقافيّة وإقبالاً جماهيراً لا سيما واسعاً خصوصاً أن هذه الدورة التي حملت اسم الشاعر حسب الشيخ جعفر تبدو متميزة عن سابقاتها على الأصعدة كافة.
الأدباء والكُتّاب والمثقفون ممن اهتموا بهكذا فعاليات يرون أن "الدورة الخامسة عشر من مهرجان الجواهري السنوي لهذا العام، هو إشاعة لبث الفكر وتعريف الآخرين بالثراء الفكري في المشهد الثقافي العراقي، وتجسيد لرسوخ الفكرة القيميَّة للبلاد، لأنّه وعيٌّ وولادة جديدة. ويعتقد الشاعر عدنان الصائغ أنّ المهرجان يكتسب أهميته "من حمله لِاسم الراحل حسب الشيخ جعفر للوقوف أمام أهم ما أنجزه في ميدان الشعر". وقال إنَّ "هذا المهرجان هو فرصة طيبة لمراجعة المشهد الشعري العراقي المهم وفرصة لتعريف العالم العربي بأهمِّ ما حصده ووصل إليه العراق في أعوامه الأخيرة".
ويؤكد أنَّ "نجاح المهرجان نقطة تحسب لإدارة الاتحاد العام للأدباء والكُتاب في العراق والجهة المنظمة، واستقبال المهرجان لعدد غير قليل من الأدباء والمفكرين والشعراء العرب نجاح أخر يضاف لنجاحه، خصوصاً أن ضيوفه من كِبار الكُتاب العرب وأهم روّاد الشعر والذي أعده شخصياً صورة جسّدت العراق في طريقه نحو الإبداع، فضلاً عن وقوف المشاركين أمام الواقع الراهن للشعر العربي والعراقي هو فرصة مهمّة لتعريف العالم العربي بالتطور الذي يعيشه هذا الميدان".
ويشيد الشاعر والمترجم الدكتور هيثم الزبيدي بحيوية المهرجان وتنوع أنشطته الثقافيّة وهو ما لم يكن غريباً على الحياة الشعريّة العراقيّة التي تسير في طريقها نحو الابداع، وقال: أثرت مداخلات الكتاب عن تجاربهم الشخصية في الندوات وطاولات الحوار الجاد الذي كشف عن امتلاك المبدعين العرب بشكل عام والعراقيين منهم بشكل خاص لناصية الكتابة الشعريّة وشروط نجاحها فنياً، فضلاً عن قدرتها على التعبير عن هموم الإنسان والمجتمع وجرأتها في كسر التابوهات المفروضة على الكتابة وحرية التعبير وحملها بوعي وشجاعة راية التنوير العراقي والعربي. ولا بدَّ هنا من الإشادة بالمستوى التنظيمي الرفيع للمؤتمر وجلساته المختلفة ونجاحه في استضافة عددٍ كبير من أدباء العرب والعراقيين من الداخل والخارج.
وأوضح أنَّ "المهرجان لاقى اهتماماً ورواجاً واسعاً بين الأوساط المثقفة والعامة لتنوعه الثقافي وثرائه المعرفي".
أما الناقد والأكاديمي الدكتور أحمد حسن الظفيري فقد عدَّ مهرجان الجواهري تظاهرة ثقافيّة مهمّة، كونه يرسخ اسم الشاعر الجواهري في ذهنيّة الفرد العراقي، ويصنع منه أيقونة مهمة تمثل تاريخ العراق الأدبي الكبير، فضلاً عن أهمية المهرجان في عملية جمع الأدباء في بقعة واحدة، مما يخلق حالة من التلاقي الفكري والأدبي ممكن أن تنتج مشاريع أدبيّة لاحقة، وبما أنَّ المؤسسات الحكوميّة باتت تتعاون مع اتحاد الأدباء والكتاب في إقامة المهرجان، فإنّني أجد ضرورة أن تتسع دائرة التعاون لتشمل وزارات أخرى غير وزارة الثقافة، ولا سيما وزارة التربية ووزارة التعليم العالي والبحث العلمي، كونهما يمثلان شريحة مهمة في المجتمع العراقي وهي شريحة الطلبة والشباب، مشيراً الى أنه وحين تنتقل تلك الفعاليات في الجامعات أو أن يحضر طلبة المدارس لبعض تلك الفعاليات ستعطي حافزاً ومعرفة للطلبة، في التعرّف أولاً على رموز الأدب العراقي والعربي، فضلاً عن ذلك ستعطيهم دافعاً كبيراً للإبداع.
من جهته قال المستشار الثقافي لرئيس مجلس الوزراء الشاعر الدكتور عارف الساعدي إنَّ: هذا المهرجان يأتي ضمن سياق ما قاله المتنبّي "لا خيلَ عندك تهديها ولا مالُ - فليسعد القول إن لم يسعد الحالُ"، ونحن كما تعلمون في العراق حكومة وشعباً أعلنا ونعلن أبداً ودائماً أنّنا مع أهلنا في غزة ولبنان نداوي ما استطعنا جراحاتهم ونخفف عنهم تعبهم.
أما كلمة اتحاد الأدباء فقد ألقاها الامين العام لاتحاد الادباء الدكتور الشاعر عمر السراي، جاء في بعضها "إنّ هذه الدورة من المهرجان هي الخامسة عشرة، وهي المخصصة للنبل الأعلى، للأوطان التي تناضل من أجل الحرية، وتقف شوكة في وجه القتلة، للبنان وهي تغزل أرزها صورة زاهية لعاشقين ودبكة في جفون الموت لفلسطين وهي تتهجّد أذاناً لا على مقام الحجاز لتعرج من جرحها وتسري للعراق وهو يجري بيروت والقدس".
من جانبه أكد السّراي أنّه: وعلى مدى أيّام كان الاتحاد محتفلاً بمهرجان الجواهري الشعري العراقي نلاحظ أنّ هنالك جمالاً مزودجاً، تكريم الروّاد وكبار الكتّاب مع الاحتفاء بالأدباء والكتاب، الجواهري الذي أخذ على عاتقه مسؤولية تعريف العالم بموقف العراق وأدبائه الثابت من القضية الفلسطينية وما يحدث في لبنان، وهم يواجهون المحتل الصهيوني الغاصب، رَحّب بضيوف عرب وعراقيين وشهد فعاليات وأنشطة ثقافيّة وفنيّة وغنائيّة وجلسات شعريّة مهمّة وهو ما حرصنا على نجاحه، في ميدان القصيدة الشعريّة التي ما كان لها أن تكون لولا تضامن وتعاطف الطاقات الابداعيّة الحيَّة الذي يمثل مدى رسوخ اتحاد الأدباء العراقي في الذاكرة العربيَّة.
وأضاف: سعي الوزارة الحثيث للوقوف إلى جانب الحراك الثقافي الذي يقوده الاتحاد ما كان ليمر مروراً عابراً، نتج عن هذا التعاون مهرجان ثقافي فني منسجم مع طبيعة البلاد الثقافيَّة الحيَّة.