هاتي ويلموث
ترجمة: بهاء سلمان
يبدو أن شرب نوعٍ ما من الماء "الخاص" بعد الاستيقاظ هو موضوع أساسيٌّ في روتين الصباح لدى العديد من خبراء الصحة، ومن بين الموضوعات التي يتمُّ عرضها بانتظام المياه القلويَّة، والتي ربطها الكثيرون بعددٍ من الفوائد الصحيَّة المفترضة.
تتضمّن بعض الادعاءات أنَّ المياه القلويَّة تزيلُ السمومَ من الجسم، وتساعدُ في الهضم، وتحسنُ الترطيب أكثر من المياه العاديَّة، وتعزز فقدان الوزن، وتقلل الالتهابات، وتقلل من ارتداد الحمض، وتقلل من الانتفاخ، وتوازن الهرمونات وتحسن مستويات الطاقة.
التأثر بالمشاهير
على سبيل المثال، شوهدت مدوّنة معروفة على موقع تيك توك وهي تشرب الماء القلوي الدافئ أول شيء في الصباح في مقطع فيديو بعنوان: "ستساعد إضافة هذه العادات الثلاث اليوميَّة إلى روتينك الصباحي في دعم صحة أمعائك وهرموناتك" وتقول المدوّنة إنها شربت 850 ملليتراً من الماء على معدة فارغة، مضيفة مزيجاً من الإلكتروليتات وملح الهيمالايا الوردي وعصير الليمون وخل التفاح إلى الماء الدافئ، مدعية أنَّ الخليط ساعد في الترطيب واستعادة توازن السوائل والهضم وإطلاق السموم.
بشكل نموذجي، يشرب المهتمون المياه القلويَّة المعبأة أو يصنعونها بأنفسهم عن طريق إضافة مزيجٍ من الملح وصودا الخبز والليمون والليمون الحامض إلى الماء الدافئ، لكنَّ أخصائيَّة التغذية "كريستين بيرن"، مديرة مركز روبي اوك للتغذية بولاية نورث كارولينا، أخبرت نيوزويك أنه من الأفضل أن نلتزم بالماء.
تقول بيرن: "بينما تحتوي معظم مياه الصنبور على درجة حموضة تبلغ نحو 7.5، فإنَّ المياه المعبأة القلويَّة لها درجة حموضة أعلى وأكثر قلويَّة تتراوح بين ثمانية وتسعة. باختصار، فإنَّ فكرة ارتفاع درجة حموضة الماء ستعملُ على رفع درجة حموضة السوائل الجسديَّة المختلفة عند شربها لم يتم إثباته على وجهٍ تام". ولكنْ إضافة الليمون أو الليمون الحامض أو طعام صحي، مثل خل التفاح إلى الماء، لا يجعله أكثر قلويَّة، كما تقول أخصائيَّة التغذية. "إنها تفعل العكس تماماً وتجعله أكثر حمضيَّة.
إنَّ الرقم الهيدروجيني لكلٍ من خل التفاح والليمون عادة ما يكون من اثنين إلى ثلاثة، لذا فإنَّ إضافته إلى الماء العادي سيخفض الرقم الهيدروجيني، وليس رفعه. إذا نصحك شخصٌ ما بإضافة عصير الليمون إلى الماء القلوي، فهو في الحقيقة يخدعك لأنك ستنتهي على الأرجح بمياه حمضيَّة أكثر مما ستحصل عليه إذا شربت من الصنبور. فضلاً عن ذلك، يمكن للحمض أنْ يؤدي إلى تآكل مينا أسنانك بمرور الوقت".
أفكار صعبة التنفيذ
وتشير بيرن إلى أنَّ الملح يمكن أنْ يجعل الماء أكثر قلويَّة، ولكنْ ربما ليس بالقدر الكافي لإحداث أي فرقٍ في الصحة. "عندما يتعلّق الأمر بإضافة الملح إلى الماء، فإنَّ الأمر يعتمد على النوع الذي تستخدمه، فملح الطعام العادي المعالج باليود محايد، ما يعني أنه لن يغير حقاً الرقم الهيدروجيني للماء. أما ملح البحر فهو قلوي قليلاً، ومياه البحر لها درجة حموضة تبلغ نحو 8.1. ولأنك ربما لا تضيف ما يكفي من الملح إلى كوبك لجعله مذاقه مثل مياه البحر لأنه يثير الاشمئزاز، فمن غير المرجح أنك تغيّر درجة الحموضة كثيراً".
أما بالنسبة للادعاءات المرتبطة بالمياه القلويَّة، توضح بيرن بأنَّ معظمها لا تصمد أمام التدقيق، بما في ذلك الادّعاء الرئيسي، أن المياه القلويَّة تساعد في تحييد حمض المعدة والتخلّص من ارتداد الحمض. "النظريَّة وراء شرب المياه القلويَّة للهضم هي أنَّ ارتفاع درجة الحموضة في الماء يخفض درجة حموضة حمض المعدة (عادة من 1.5 إلى 3.5) ويساعد في منع أو علاج ارتداد الحمض".
وتواصل بيرن كلامها بالقول: "في الواقع، فإنَّ الماء القلوي عبارة عن قاعدة ضعيفة جداً وتنتج معدتك حمضاً قوياً، لذا لن يكون للماء تأثيرٌ كبيرٌ في الرقم الهيدروجيني الإجمالي، وأي تأثير له سيكون مؤقتاً. وأظهرت بعض الأبحاث الأوليَّة أنَّ الماء القلوي قد يساعد في علاج ارتداد الحمض، لكن هذا بعيدٌ عن كونه أمراً محسوماً".
يمكن أنْ يكون تقليل الأطعمة المسببة للالتهابات في النظام الغذائي، مثل السكر والكحول والأطعمة كثيرة المعالجة، أو شرب شاي النعناع بعد الأكل أكثر فعاليَّة في معالجة ارتداد الحمض. غير أنَّ تحييد حمض المعدة ليس بالضرورة يمثل هدفاً طموحاً؛ إذ يمكن أنْ يؤدي انخفاض حمض المعدة إلى تعطيل الهضم، ما يؤدي إلى تخمّر الطعام في المعدة والأمعاء، وأعراض مثل الانتفاخ والغازات والإسهال. ومن عجيب المفارقات أنَّ شرب ماء خل التفاح يستخدم كعلاجٍ لتعزيز الحموضة في المعدة.
اختلافات وجهات النظر
أما بالنسبة لبعض الادعاءات الأخرى، مثل خصائص الماء القلوي لإزالة السموم وموازنة الهرمونات ومضادات الالتهابات والترطيب الإضافي، فإنَّ بيرن لا تتفق مع هذه الآراء. "كلما سمعت ادعاءات مثل "موازنة الهرمونات" أو "إزالة السموم"، أشعر بتشكك شديد. هذه مصطلحات غامضة حقاً، تبدو جيدة، ولكنها غالباً لا تحظى بدعم كبير".
كما توضح بيرن أنَّ الهرمونات تتقلّب باستمرار، وأن ما تعنيه "الهرمونات المتوازنة" يعتمد على الشخص وجسمه. "إذا كنت تعتقد أنَّ هناك خطأ ما في هرموناتك، فمن المهم جداً أنْ ترى طبيب الغدد الصماء بدلاً من أخذ المشورة من أحد المهتمين الساعين إلى بيعك شيئاً ما، مثل المياه القلويَّة. لا يوجد دليلٌ قويٌ على أنَّ المياه القلويَّة توازن الهرمونات، أياً كان ما يعنيه ذلك".
مجلة نيوزويك الاميركيَّة