حرب استنزاف مفتوحة

آراء 2024/11/04
...

 عباس الصباغ

 أتمنى، وقبل أن يفوت الأوان، أن تدرك حكومة الكيان الصهيوني، التي يرأسها اليميني المتطرف والمتوحش النتنياهو، لو إنها استجابت لجميع المناشدات الدولية والاقليمية والشخصية بوقف الحرب والانتهاكات، وقبل أن تتحول إلى حرب اقليمية أو عالمية موسعة لا يمكن التكهن بمدى خطورتها وتأثيراتها السلبية على السلم الإقليمي أو الدولي

وهي الحرب التي كانت باكورة بدايتها بمناوشات داخلية بين الكيان الصهيوني وحماس، ولم يكن التوقع أن يكون الرد الصهيوني بهذه الصورة من التوحش والهمجية والابادة، كما اتمنى ـ وقبل فوات الأوان أيضا ـ أن يدرك حكام هذا الكيان الغاصب أن ما يقومون به من تجاوزات وانتهاكات ونزف للدم قد تجاوز جميع الخطوط الحمر وقواعد الاشتباك المتعارف عليها، كما لن تكون حالة التوتر واللا استقرار في مصلحة الكيان الصهيوني،، وقد يأتي يوم ـ وهو آتٍ لامحالة ـ تتخلى فيه الولايات المتحدة عن شُرطيّها وربيبتها في الشرق الأوسط وحليفها الاستراتيجي (إسرائيل). وكما يقال لا يوجد اصدقاء أو أعداء دائمون، بل توجد مصالح مشتركة دائمة بعد ان يتحول الكيان إلى عبء كبير على واشنطن من كل النواحي، وقد تقوم بالبحث عن "اصدقاء" جدد بعد أن ترميها مثل الفأر الميت، كما فعلت مع شاه ايران وهكذا هي سنة الحياة فصداقة واشنطن لن تستمر إلى الأبد.

 كما أتمنى أيضا التوسع في التجاوزات والانتهاكات ضد دول الجوار كما يحصل حاليا مع لبنان وسوريا، اضافة مع المناوشات مع جهات أخرى، كما يحصل مع العراق وإيران، سواء عن طريق الكيان الصهيوني أو من يساندها مع استمرار عرض العضلات والتوعد برد قاسٍ، وعدم الانصياع لمقررات الامم المتحدة ومجلس الأمن وضربها عرض الحائط، ذلك استخفافا بها والدمار الشامل، الذي احدثته في غزة ولبنان، فضلا عن الرشقات الصاروخية وبالمسيّرات والصواريخ الباليستية بين الكيان والجهات السبع التي تعاديها حاليا (في الوقت الحاضر فقط)، قد تتطور إلى جهات أخرى بسبب عدوانية الصهاينة وتحديهم للمجتمع الدولي ومنطق العقل، الأمر الذي يؤدي إلى نشوب حرب استنزاف موسعة وطويلة الامد على غرار حرب الاستنزاف، التي وقعت بين المعسكرين الغربي والشرقي في القرن العشرين حتى سقوط الاتحاد السوفياتي بعد تفككه، وتعرف حرب الاستنزاف بحسب الموسوعة الحرة بأنها: العملية المستمرة لإرهاق العدو وإجباره على الانهيار الجسدي من خلال الخسائر المستمرة في الأفراد والمعدات والإمدادات، أو إنهاكه إلى النقطة التي يصبح فيها عرضة للانهيار والقضاء على إرادته في القتال، وغالباً ما تكون المناقشات حول حروب الاستنزاف مصحوبة بإشارات إلى الحروب بالوكالة، إذ تستخدم الدول الأقوى عسكرياً واقتصادياً أنظمة سياسية ومليشيات مسلحة للعمل نيابة عنها بهدف تعظيم استنزاف القوى الأخرى)، وفي حال نشوب صراع أوسع في الشرق الأوسط، فإنه لن يشبه على الأرجح الحروب البرية الطاحنة التي وقعت سابقا، بل قد يتطور النزاع بتدخل القوى الكبرى التي لن تقف مكتوفة الأيدي حين تتعرض مصالحها الحيوية للخطر باعتبار ان منطقة الشرق الاوسط هي مرتكز امدادات خطوط الطاقة، التي تعتمد عليها وتائر النمو المستدام عندها ولن تسكت على ذلك وقد تدخل الحرب بالأصالة.

 في الوقت الحالي ومن خلال المعطيات الملموسة على الأرض أن الاوضاع على الجبهة العسكرية المشتعلة بالصواريخ الباليستية وفرط الصوتية والمسيّرات الانقضاضية والحروب السيبرانية تتجه نحو التصعيد الاقليمي أو العالمي لا محالة، وأن الكيان الصهيوني وبدعم من الدول الغربية سيذهب إلى حرب مفتوحة مع الدول التي تدخل في محور المقاومة، وبغضّ النظر عن تطورات الصراع بدءاً من 7 /تشرين الاول 2023 أي عملية طوفان الاقصى، ولغاية بدء شن العدو الحرب على حزب الله في جنوب لبنان واغتيال قادة الصف الاول من حماس وحزب الله والتي لن تضعف من امكانات هذه الفصائل كما هو واضح، فإن مجريات الحرب على جنوب لبنان وطبيعة الموقف الايراني المتزعم للمقاومة تفرز دروسا خطيرة على جميع المستويات، وهذه الدروس والابعاد ينبغي الوقوف عليها والنظر لها باهتمام بالغ وبموضوعية وواقعية بان تلك المؤشرات الخطيرة تدل على احتمال نشوب حرب استنزاف كبرى، بسبب عدوانية الكيان الصهيوني حين تكون الدبلوماسية وصوت العقل اصداء لمن لا يسمع وفي اذنه وقر.