طالب سعدون
طوفان نوح أو الطوفان العظيم فاضت به الأرض على سعتها بقرار إلهي لم ينج منه أحد ولم يق منه واق... فأمر الله واقع لا محالة ولا عاصم منه إلا من كان مع نوح على ظهر السفينة ليبدأ عهد جديد للبشرية بانتصار المؤمنين واندحار الكافرين.
الطوفان الاول كان حكم الله على الكافرين وعقابا للفاسدين وتطهير الارض منهم لظلمهم وجبروتهم وطغيانهم واسترخاصهم دماء الابرياء.. وبزوالهم بدأ تاريخ جديد بناه أولاد واحفاد نوح متواصل، لم ينقطع إلى أن تقوم الساعة، وما دامت الارض قائمة يعمرونها بجد وجهاد (وجعلنا ذريته هم الباقين) إلى يوم الدين..
لا اريد أن أستغرق في قصة نوح لأنها معروفة بل نأخذ منها عنوانها الذي جعله الاحفاد (المقاومون) عنوانا لملحمتهم الجديدة في السابع من اكتوبر وقد مرت ذكراها قبل أيام مرورا عابرا في أمة العرب والمسلمين رغم دلالاتها ومعانيها العظيمة.
الطوفان ضد الكفر والظلم مستمر من سيدنا نوح عليه السلام إلى اليوم والله مع المقاومين للظلم والاحتلال والطغيان، كما كان مع نوح يمدهم بأسباب القوة والنصر ويجب أن نؤمن بنصرهم ايمانا مطلقا لان كتاب الله استخدم صيغة المضارع في قصة نوح (يصنع الفلك بأعيننا) دلالة على هذه الاستمرارية والرعاية الإلهية والوحي للإنسان المؤمن بعمل ما يلزم بإحكام وقوة يساعده في انجاز عمله الايماني دون انقطاع في الزمن.. ولا شك أن النصر سيكون حليف من يكون الله معه حتما.
في طوفان نوح عليه السلام دروس وعبر منها أن الانسان يتعرض إلى نقد وسخرية ومعارضة من مناوئين لعمله المشروع لعجزهم أو لعدم ترسخ الايمان في قلوبهم فيقفون في صف الشيطان.. فعندما بدأ نوح بصناعة سفينته أخذ قومه يسخرون منه ومن عمله لكنه رد عليهم بسخرية أكبر بالمضي بقوة وتصميم في صناعة السفينة، وكان الله معه في نجاة المؤمنين بها وغرق الكافرين..
وهكذا كان الحال في طوفان الاقصى فقد سخر من سخر من المقاومين وقلل من جدوى فعلهم البطولي ومن صناعة اسلحتهم.. وتسمع اسئلة من هنا وهناك من القوم من يتساءل ويتندر: كيف للمقاومة مواجهة العدو ومن معه وهو بهذه الامكانيات المادية التسليحية والتكنلوجية المتطورة، لكنها كانت عكس ما يزعمون.. ماضية في فعلها.. قوية في تأثيرها.. دكت حصون العدو (في داره) ونزلت عليهم صواعق ومواحق وكبدتهم افدح الخسائر.. ظهر من قومهم من يعد عملهم الإيماني البطولي مغامرة، وأخر ينال من المقاومة ويسخر منها كما هم قوم نوح وبذلك شاركوا العدو في عدوانه وساووا بين القاتل والمقتول وبين الظالم والمظلوم.. لكن ارادة الله هي الاقوى.
لذلك كان شيئا يدعو إلى الاسف ويبعث على الالم والحزن ان تمر الذكرى (7 اكتوبر) صامتة في بلداننا العربية والاسلامية.. كان الواجب ان تكون هذه الذكرى الدرس الأول في مدارسهم والخطبة الرئيسية في جوامعهم وكنائسهم في ذلك اليوم، بدلا من أن ينالوا منها.. أو يصمت من يصمت عن قول الحق فيها..
إدانة الحق عار، والصمت رذيلة، والمساواة بين الظالم والمظلوم اجحاف وخيانة..
شاء من شاء وأبى من أبى فإن 7 اكتوبر يوم خالد في التاريخ وعنوان عريض وبداية صحوة بعد غفوة طويلة.. أعاد للقضية بريقها وهيبتها في العالم بعد ان طواها النسيان.. يوم خالد للبطولة.. ودرس وعبرة ومعجزة لفتية آمنوا بربهم وقضيتهم فزادهم الله هدى وبصيرة وقوة.