بيروت: جبار عودة الخطاط
تبددت مساحة التفاؤل النسبي التي أشاعها الموفد الأميركي آموس هوكشتاين لدى زيارته الأخيرة لبيروت، على وقع مواصلة رئيس حكومة الحرب الصهيونية نتنياهو عدوانه على لبنان، وتشديده على شروط تعيد الذاكرة إلى ما وصف بالترتيبات الأمنية التي نص عليها اتفاق 17 أيار بعد الاجتياح الصهيوني عام 1982 الذي باء بالفشل في وقته.
نتنياهو الذي يشعر بفورة انتشاء غير مسبوقة بعد عمليات الاغتيال الإجرامية بحق أبرز قادة المقاومة؛ تتملكه اليوم نزعة لاستثمار (مكاسبه) العدوانية في تكريس واقع سياسي في المنطقة بدءًا من جنوب لبنان، من خلال إعادة إنتاج القرار الأممي 1701 بفرض صيغة معدلة رفضها الجانب اللبناني، لأنها تنتهك سيادة الدولة اللبنانية وتكبلها بإجراءات مثل إنشاء منطقة عازلة على الحدود، وهو ما بتنا نراه من سياسة الأرض المحروقة التي ينتهجها العدو في المناطق المتاخمة للحدود، وانسحاب حزب الله إلى شمال الليطاني، ليحل محله الجيش اللبناني بواقع 8000 عنصر، فضلًا عن قوات "اليونيفيل" التي يريد نتنياهو توسيع صلاحياتها وهامش حركتها على الأرض اللبنانية، والعمل على التطبيق الحرفي للقرار 1559، والإجراءات الأخرى الخاصة بمراقبة المعابر بين لبنان وسوريا والموانئ والمطارات بإشراف أميركي، فضلًا عن طلب السماح للجيش الصهيوني بعمليات عسكرية في لبنان عند الحاجة، وفسح المجال الجوي اللبناني أمام الطيران الحربي الصهيوني.
هذه الخطوات التي تلامس استباحة السيادة اللبنانية التي طالب بها نتنياهو وتسببت بوصول مسعى الموفد الأميركي هوكشتاين إلى طريق مسدود؛ قابلها لبنان برفض واضح، مؤكدًا التزامه بالقرار 1701 من دون إضافات أو تعديل، وهو ما جعل الحراك من أجل وضع حد لنزيف الدم في جبهة لبنان يرحل إلى ما بعد الانتخابات الأميركية.
إزاء ذلك، واصل الجيش الصهيوني عدوانه على لبنان مستهدفا بغارات طيرانه العنيفة مختلف المناطق اللبنانية، بينما واصلت قطعاته البرية محاولاتها لاختراق دفاعات المقاومة في جنوب لبنان؛ وهو ما لم يتحقق حتى الآن، وقد تعثرت كل الهجمات البرية للعدو في تحقيق أي خرق مؤثر، وهو ما فرض معادلة الصمود التي من شأنها الانعكاس الإيجابي على المسار السياسي كما يسعى حزب الله.
في السياق، نقلت صحيفة "فايننشال تايمز" عن وزير الحرب الصهيوني يوآف غالانت تأكيده، أن "الهجوم البري على لبنان سيستمر ما دامت هناك حاجة إليه"، بينما أعلنت "الجبهة الداخلية الصهيونية"، عن دوي صفارات الإنذار في بلدة شومرة وزرعيت بالجليل الغربي بعد رصد إطلاق صواريخ.
هذا وقد أغار الطيران الصهيوني على منزل في بلدة جويا، ما أدى إلى سقوط شهيدين وعدد من الجرحى نقلوا جميعا إلى مستشفى صور، وكان الطيران الصهيوني قد نفذ غارتين على محيط بلدتي البازورية والبرج الشمالي في قضاء صور جنوب لبنان.
بدورها، لم تنقطع عمليات حزب الله النوعية ضد المواقع المعادية، فقد أعلن الإعلام الحربي في الحزب استهداف 3 تجمعات لقوّات جيش العدو الصهيوني في مستعمرات إيفن مناحم ومتسوفا وبرعام بصليات صاروخية. إلى ذلك، قوبلت العملية التي قام بها الموساد الصهيوني عبر عملية إنزال في منطقة البترون واختطاف المواطن اللبناني "عماد أمهز"، بحالة سخط شديدة في الأوساط اللبنانية، فقد أكد وزير الثقافة القاضي محمد وسام المرتضى: أن "البترون ليست على الخط الأمامي للمواجهة، ولا هي في الجنوب، وبرغم ذلك استهدف العدو فيها أحد المواطنين اللبنانيين بعملية اختطاف". وأضاف مخاطباً من وصفهم بـ"السياديين": "المقاومة تردع العدوان عند الحدود، فاحموا أنتم السيادة اللبنانية والمواطنين في الداخل، ولو بالمواقف الإعلامية، من غدر العدوّ وعملائه وإجرامه وفتنه".