الخشية من اتساع رقعة الحرب

آراء 2024/11/05
...

محمد شريف أبو ميسم

كما أسلفنا في مقالات سابقة نشرت في جريدة الصباح الغراء، أن اتساع رقعة الحرب في منطقة الشرق الأوسط، يمكن أن يلحق الضرر الكبير والمؤكد بالمشروع الأمريكي في الشرق الأوسط والذي أنفقت عليه الولايات المتحدة نحو سبعة ترليونات دولار بحسب الرئيس الأمريكي السابق "دونالد ترامب"، من أجل خلق بيئة استثمارية آمنة لرساميل الشركات التي تحكم العالم ودمج دول المنطقة تحت مظلة واحدة قائمة على استبدال سلطة الدولة بسلطة الرساميل وإحلال مفهوم عولمة الأمن محل مفهوم السيادة، بعد التأسيس لمقبولية ثقافية قائمة على الاستهلاك والغرائزية اعتماد على أدوات العولمة الثقافية، التي ساهمت مساهمة كبيرة في صناعة القطيعة بين الأجيال الجديدة لشعوب هذه المنطقة وبين موروثاتها التي قدمت بوصفها أسبابا للتخلف والتراجع الحضاري أمام التطور الهائل في مخرجات اقتصاد المعرفة وتكنلوجيا المعلومات والتقانات الاحيائية وعلوم النانو، فكانت هذه المخرجات من أخطر ما تم توظيفه للإطاحة بالمجتمعات وتكريس ما أطلق عليه الفيلسوف الكندي "آلان دونو" بـ(التأثير السلبي لوسائل الاتصال والدور التخريبي للفن المدعوم، ورأس المال الثقافي، وترميز التافهين، وإسقاط القدوة، وتدمير التعليم) بحسب ما جاء في كتابه "نظام التفاهة".
ويبدو أن فكرة اتساع رقعة الحرب التي تبناها اليمين المتطرف في دولة الاحتلال ذات صلة بالمستقبل السياسي لهذا اليمين، الذي يرى في فكرة التماهي مع المشروع الشرق أوسطى اعتماد على مبدأ الاحتواء الاقتصادي وخلق الاندماج الجهوي بين حكومات ليبرالية تدعمها وتديرها الرساميل، خطرا على وجود الدولة اليهودية الكبرى الممتدة من الماء إلى الماء تحت الشعار التوراتي، ازاء توريث الصراع وفق العقيدة الإسلامية التي تتكلم عن زوال دولة اليهود، وبالتالي فإن القضاء على المرتكزات التنظيمية للمقاومة الإسلامية كان وما زال هو المطلب الرئيس لليمين المتطرف في دولة الاحتلال، وما استعراض القدرات التدميرية وجرائم الإبادات إلا في سياق معركة وجود، إذ إن فكرة الاحتواء الاقتصادي لا تكرس وجود "إسرائيل الكبرى" بل على العكس، فقد تؤدي إلى زوالها بمجرد هيمنة الرساميل على مقدرات دول المنطقة والتحكم في إدارتها مباشرة تحت مظلة الليبرالية، حينها لن يكون هنالك مبرر لاستمرار مسمى دولة (إسرائيل) واستمرار توريث الصراع، فضلا عن قدرة المدرسة الإسلامية على إنتاج الحركات المقاومة لكل أشكال الدولة اليهودية، ومن هنا فان رد دولة الاحتلال على ايران الذي كان خجولا لم يكن بقرار من "نتنياهو" وارتدى مبرر الخشية من انسحاب الضرر على أسعار النفط والغاز بالتزامن مع حلول موسم الشتاء والبرد القارس في أوروبا مع ما سببته الحرب في أوكرانيا من ضرر كبير على أسواق الغاز في العالم.