زومبيات الهالوين.. تجارةٌ أم طقوس ثقافية

منصة 2024/11/05
...

 أمستردام: آمنة عبد النبي


يقال بأن أرواح أولئك الذين ماتوا سوف تعود إلى أرض الأحياء لزيارة منازلهم، لذلك الناس في هولندا ليلة الهالوين يرتدون أحيانًا أقنعة كتمويه لتجنب التعرف عليهم من قبل الأشباح والأرواح الأخرى غير الودية. ويتجول الأطفال بالطرقات وهم بأقنعة مرعبة حاملين الحلوى مرددين «حلوى أم خدعة»، باعتبارها رمزيّة المناسبة.

ولو بحثنا عن الأصل التاريخي لهذا الطقس التقليدي، فنجد بأن الفكرة تعود جذورها الى ايرلندا وليس للمسيحية علاقة مع هذا العيد، ولم تأخذ عنه شيئاً سوى انه يتصادف مع عيد جميع القديسين، وقد امتد في أميركا كجزء وامتداد لصراع دموي ثيوقراطي مرّ بين الكنيستين الكاثوليكية، اما إنجلترا وآيرلندا وشمال فرنسا وبقية أوروبا، يحيون الهالوّين إيذاناً بانتهاءِ فصل الصيف وبداية فصل الشتاء. ووفقاً لمعتقداتهم، فان فصل الشتاء يجلب الأرواح الشريرة.

فكرةٌ ترويجيَّةٌ للربح
الكاتب الصحافيّ راجي الزهيري، المُقيم في امستردام، تحدث عن الالتباس في اصل هذا العيد، قائلاً: «انه عيد تجاري بحت ولا علاقة للمسيحية فيه، وفي السابق لم يكن للهالوين في هولندا احتفال واضح وكبير، ولا وجود لأي «زومبيات» تجوب الشوارع، باعتباره تقليداً غريباً لا يفضله الكثير، لذلك حاولوا ابداله بعيد اخر مشابه ونداً له، لكن وبسبب العدد الكبير من الجاليات والأجانب ممن استوطنوا البلد، ما زالوا حريصين على الاحتفال بعطلتهم المخيفة، فاعادوا احيائه، وأكثر الفرحين به هم الأطفال، حيث يقومون بحفر الرسومات على فاكهة القرع البرتقالية وارتداء ملابس تُظهرهم كمصاصي الدماء والشياطين، واحيانًا يستخدمون الصبغة الحمراء تشبيها بالدم على ملابسهم ووجوههم».

عيد التنكر لا الشر
اما الرسامة التشكيلية المغتربة تارا دخو، فقالت: «نحن بالكنيسة لا نحتفل فيه كعيد للهالوين وانما نحتفل على انه عيد القديسين الموتى، وإذا أقيمت حفلة من هكذا نوع في الكنيسة فنسميها عيد التنكر، أما تسمية الهالوين فهي فكرة ترويجية حديثة تفيد الصالات والمطاعم ومحلات التنكر، والمعروف أن اصل هذا العيد أو هذه
العادة السنوية يعود لاحتفال سنوي كان يقام عند نهاية كل موسم حصاد لذلك نرى فزاعات و يقطين وتماثيل طيور ثم امتزجت مؤخرا بما يسمى بعيد الأموات والأرواح والأشباح».

الرعب سمّة طبيعية
في حين اشارت المترجمة في دائرة الهجرة الهولندية زينب صالح بالقول: «سرد القصص المرعبة ومشاهدتها وزيارة القبور ولبس الملابس الغريبة على هيئة شياطين مخيفة، والأقنعة المرعبة، هي أكثر ما يميز عيد الهالوين، حيث يقوم الأطفال بزيارة الجيران وطرق الأبواب لجمع الحلوى أو المال، ولكن بدلاً من ارتداء أقنعة مخيفة، يرتدون أزياء مبهجة ويغنون أغاني، واليقطين طبعاً من رموز الهالوين الشهيرة، علما انه يحظى بشعبية كبيرة خاصة حين يستخدم في التزيين وتحضير العديد من الوصفات المختلفة، والرعب طبعاً سمة أساسية في الاحتفال ولا يخيف الاطفال ابداً».

تراثُ وهويَّة ثقافية
الباحث في مجال الأنثروبولوجيا محمد الخزعلي تطرق الى الأعياد الخاصة بأطفال العالم المتنوع، كل حسبِ تراثه وهويته الثقافية، نقلاً عن المصادر التراثية المتاحة، قائلاً :»حفل هالوين ينطلق من فكرة استذكار القدّيسين والترحّم على أرواحهم، وما الحلوى إلاّ صدقة عن أرواحهم
واستذكار رمزي لمآثرهم، وما زالت أهازيجه التي يردّدها الأطفال دعوة للترحّم على الأموات والصدقة عنهم، كذلك نجد على الجانب العربيّ المشرقيّ شعائر لعيد عريق وقديم من عمق التاريخ، يحتفل به عرب الخليج اليوم باسم عيد گرگيعان، وگرگيعان عيد عربيّ جميل مليء بالفرح، ومنتشر بين عرب شواطئ الخليج، جاء اسمه من القرقعة التي يثيرها الأطفال مطالبين بالحلويات».